Monday, November 23, 2009

يوتوبيا


كتب/ مصطفى محمود
الناشر /مجلة اوراق اشتراكية

يوتوبيا هى اولى الروايات الطويلة للكاتب الناجح احمد خالد توفيق ...احد كتاب سلسلة روايات مصرية للجيب الشهيرة .
يقدم احمد خالد توفيق فى روايتة يوتوبيا تصور عن حال المجتمع المصرى بعد عشرات السنيين من الفقر والتخلف وزيادة الهوة الاجتماعية بين الاغنياء و الفقراء الى الحد الذى اصبح فية الاغنياء من رجال الاعمال وساسة الطبقة الحاكمة المستغلة معزولين فى مدن خاصة فى الساحل الشمالى تحمل اسم "يوتوبيا " وتحتوى مدنهم الخاصة على كل الرفاهية الممكنة لهم ..بينما باقى المجتمع المصرى يعيش فى ظروف غير ادمية بعد ان تراجعت الحكومة عن كافة الخدمات لهذة المناطق وتم حصرها لمدن سكان يوتوبيا فقط .
وما تبقى من الشعب المصرى انحدرت بهم الحال الى الحياة للعصور الوسطى ...فهم يأكلون الكلاب والقطط وكل ما يمكن ان يؤكل بعد معارك عنيفة ...يعيشون فى عشش من الخوص والخشب ...لا مرافق عامة ...لا مستشفيات .لا يوجد صرف صحى ...لا عمل لا يوجد شىء ..فقط اطلال مدن وخرائب يسكنها الناس بعد ان انسحب الاغنياء والقادرين فقط الى يوتوبيا . الامر يشبة قليلا كما كان فى الماضى مستعمرة لحضارة الرجل الابيض تحيطها قبائل من الهمجيين والرعاع .

كيف حدث هذ ا ؟

" لا يمكنك ان تحدد لحظة بعينها ...فقط تذكر ان الوضع كان يسؤ بلا انقطاع ...لذا كان المرء يغمض عينية ويقول : اهى عيشة ...اذن فليكن غد . ثم تصحو ذات يوم لتدرك ان الحياة مستحيلة ..وانك عاجز عن الحصول عن قوت يومك او مأوى !"

يحذر احمد خالد توفيق من كارثة اجتماعية قادمة ..اذا ماستمرت الاوضاع على ما هى علية من تردى فى اوضاع جموع الشعب المصرى و سلب كل مكتسباتة وحقوقة شيئا بعد الاخر . واستئثار طبقة واحدة بكل شىء .

ويبالغ الكاتب فى وصف التناقض الشديد بين سكان يوتوبيا و" الاغيار" كما يسميهم ...فسكان المدينة الاولى ينعمون بالراحة والثروة والمخدرات والخمور والجنس ..فكل شىء متاح فى يوتوبيا ... ولكن لتوافر هذا كلة اصبح الامر مملا ....كل شىء موجود ...كل رفاهية مهما كانت تافهة ....اما الاغيار ..فقد اثرت فيهم ظروف معيشتهم من جوع وبؤس ومرض وسؤ تغذية حتى اصبحوا اقرب لقرود اكثر وسامة ...من كونهم بشر ! من الصعب ان تقتنع بان هؤلاء البائسين القذرين من نفس جنس سكان يوتوبيا ... وكل هذا قد ادى الى الوضع الجنونى التالى ..اصبح الترفية الاكثر اثارة لدى شباب يوتوبيا هو "اصطياد" احد هؤلاء "الاغيار" والرجوع بتذكار ثمين ربما يكون ساعد او ساق لاحد البؤساء....... فقط لاضفاء المتعة والتشويق لحياتهم !


وتبدأ ذروة الاحداث عندما يقرر بطل القصة بالقيام برحلة صيد هو وصديقتة جرمينال ويتسللوا خارج يوتوبيا متجهين ناحية اطلال وعشش الاغيار متنكرين فى ملابس قذرة حتى يبدوا من اهل المكان ولكن بعد فترة وجيزة يتم اكتشافهم ...ويكاد الناس ان تفتك بيهم لانهم من يوتبيا ولكن بطريقة ما ينقذهم جابر احد اخر المثقفين بين هؤلاء المهمشين ويقنع الجمع انهم من الاغيار فعلا . وخلال الايام القليلة التى يقضوها معة يشعر القارىء انة لقاء بين عالمين بكل معالمهم وتناقضهم .
ويضمن الكاتب بين فواصل الرواية ..احصائيات حقيقية عن معدل الجرائم المرتفعة وعن اعداد البطالة وجرائم القتل بدافع السرقة وجرائم العنف ضد المرأة وعلى راسها الاغتصاب ....ناهيك عن الجرائم الاسرية .وتزايد اعداد المدمنين الذين يتعدون ال2 مليون مدمن ...وكأنة يؤكد على ان احداث روايتة مهما بدت مبالغ فيها وغير معقولة الا انها قابلة للتحقيق وبقوة استنادا لتدهور الاوضاع طبقا لكل الاحصائيات السابقة ...او كما يقول فى مقدمة الرواية :

"يوتوبيا المذكورة هنا موضع تخيلى ...وان كان المؤلف يدرك يقينا ان هذا المكان سيكون موجودا عما قريب ".

وعن امكانية تغيير الاحوال عن طريق الانتفاضة الشعبية ....يبدوا الكاتب متشائما ...ويقول على لسان البطل عندما يحذرة الناس من احتمال انتفاضة هؤلاء الجياع :
هؤلاء مجرد خراف ...هل سمعت من قبل عن خراف غاضبة ؟...هم فقدوا القدرة على الغضب وعلى كل شىء .

وخلال حديث اخر بينة وبين جابر عندما سالة ..ولماذ لا تثورون ؟

اجابة بشىء من السخرية ..." ثورات القرن العشرين التى تحقق طموح الجماهير انتهى عهدها ...لقد تعلم من هم فوق الدرس واصبح الامن
اكثر تعقيدا من ذى قبل ".

كما يفضح الهوس الدينى الذى يجتاح المجتمع عن طريق شخصيات الرواية فاغنياء يوتبيا بعضهم رغم فسادهم وانحلالهم يتم الحج والعمرة عشرات المرات ...انهم فقط يريدون شىء ليريحوا بة ضميرهم ...لانهم يعلمون انهم لا يستحقون كل هذة الثروات ...ويكون اداء العبادات الدينية اشبة بتمارين لتفريغ الشعور بالذنب .

بينما تدين الفقراء وتشددهم فى الافكار الرجعية ناتجة عن يأسهم من اى تحسن قد يطرأ على حالهم ولهذا فقد يئسوا من الدنيا ومن الامل فى حياة بدون الام وجوع وبؤس...فباتوا يبحثون عن احلامهم البسيطة بالحياة الهانئة فى الحياة الاخرى ! هو اكتئاب حاد وعدم رغبة فى الحياة مقترن برومانسية دينية بانهم بعد كل هذا العذاب لابد وانهم من داخلى الفردوس ..حيث النعيم الابدى ... اذ انهم لا يستطيعوا ان يتصورا انهم يعيشون هذا الشقاء والعوز والفاقة ثم يموتون ويتحولون الى كربونات وينتهى الامر .العقل البشرى كما يقول لا يمكن ان يتحمل فكرة ان كل هذا العذاب بدون مقابل ....بدون تعويض! والا جن !.لهذا يتعصبون فى تدينهم حتى الموت لانة الحصن النفسى الوحيد المتبقى لهم والذى يخبرهم دائما بان كل شىء قابل للاصلاح و يجعلهم قادرين على الاستمرار ليوم اخر .

ويؤكد ان انقراض الطبقة الوسطى مؤشر غير صحى تماما للمجتمع المصرى ويهدد ليس فقط الفقراء وحدهم ولكن الجميع وحتى الاغنياء . او كما يقول :
"الطبقة الوسطى تلعب فى اى مجتمع دور قضبان الجرافيت فى المفاعلات الذرية ....انها تبطىء التفاعل ولولاها لانفجر المفاعل .....مجتمع بلا طبقة وسطى ....هو مجتمع مؤهل للانفجار "

الا انة فى نهاية الرواية يبدى شىء من التفائل الحذر ...اذ بعد ان يغتصب البطل اخت جابر العذراء وبعد ان يقتلة بعد ما ساعدة هو و جرمينال فى الخروج احياء من ارض الاغيار والعودة ثانية الى يوتوبيا . يثور غضب الناس عندما يعلموا بما حدث ويبدأو الزحف ناحية مدن يوتوبيا تحركهم كل حقد وكراهية العالم .....ويبدأ البطل بدون اى شعور بالذنب باطلاق النار على الجموع ...بمنطق ..لا يهمنى اذا كان ابى قد استغل هؤلاء الناس او بنى ثروتة من دمهم وعرقهم ...لقد ولدت هنا ولن اترك كل هذة الامتيازات لاحد . وتنتهى الراواية عند هذا المشهد ...وكانة يقول لنا لا تنتظروا من رجال الاعمال والطبقة الحاكمة اى عطف او شفقة فهم لا يكترثون على الاطلاق ...ولن يتغير شىء اذا ما لم يفق جمهور الشعب المصرى لما يحدث ولما يمكن ان يحقق ابشع كوابيسهم اذا ما استمروا على سلبيتهم .

3 comments:

يساري نوبي said...

احمد خالد توفيق كاتب رائع فعلا بل اكثر من رائع و انت كاتب مختصر جميل عن الروايه
هو الروايه موجوده فين؟؟؟
يعني نقدر نجيبها منين؟؟؟
شكرا لك يارفيق
تحياتي

NakedBoy said...

اول زيارة لي لمدونتك
اعجبتني جدا واعدك ان اكرر زياراتي
سأبحث عن الرواية
واعجبني تلخيصك

مصطفى محمود said...

يسارى نوبى /

اهلا بيك ..انا على فكرة بحب النوبيين جدا وليا اصحاب كتير نوبيين .من الكنزى والفديكا .هههههه

تقدر تشترى الرواية من دار ميريت للنشر فى وسط البلد او من اى مكتبة مشهورة بوسط البلد

nakedboy/

نورتنى واتمنى تكرر الزيارة