Sunday, December 12, 2010

فى البحث عن طريق آخر



خلال مؤتمر دولى بالقاهرة أثناء عنفوان الأزمة المالية العالمية فى 2008، سئل رئيس الوزراء أحمد نظيف عن أثر الأزمة على نهج الإصلاح الاقتصادى (التحرير الاقتصادى) فى مصر. وكان رد الوزير الأول أن الأزمة ضربت أناسا فى الدور العاشر من بناء التطور الرأسمالى. «وعندما نصل إلى الدور الخامس ولا السادس نبقى نتكلم عن علاقتنا بالأزمة».

خلاصة ما تستنتجه الحكومة وأنصار برنامجها التحريرى هو أنه بالرغم من المنقلب الذى آلت اليه سياسات تسييد الأسواق على الإنتاج والتجارة والخدمات وغيرها فى العالم، فإننا مستمرون فيه، على الأقل من حيث مبادئه الرئيسية.

ولم تقتصر تبعات أزمة 2008 ـ 2009، التى لم يتجاوزها العالم بعد، على القطاع المالى أو قطاع العقارات. فلقد أطلقت حمى من المراجعات ليس فقط للسياسات وإنما للنظريات التى تقف وراءها. وإذا كتبت الأزمة المالية بالإنجليزية على موقع أمازون، أكبر موقع لبيع الكتب على الإنترنت سيفاجئك عدد الكتب التى تتحدث عناوينها عن انهيار فكرة رشاد السوق وما تستتبعه على مستوى السياسة الاقتصادية. المراجعات تمتد من الرقابة على الأسواق ـ مالية وغير مالية ـ إلى دور الدولة إلى وضع البنوك المركزية وسياسات الأجور..الخ. جدل ونقاش يصل إلى العظم.

فلماذا لا يعنينا حجم الفشل على هذا المستوى، كما كان ما يحدث فى العالم والمؤسسات الاقتصادية الدولية هو مرجع أساسى للحكومة بحيث صار «من يعارض توجهاتها أو يقف فى وجهها خارج التاريخ ويدافع عن توجهات تردنا للوراء...الخ»؟

وأحد المزايا التاريخية للرأسمالية يكمن فى قدرتها اللامتناهية على الحركة بسبب سعيها الدائم للأرباح وتنمية الأرباح. وهى ميزة أوجدت وضعيتها الثورية مقارنة بكل النظم التى سادت المجتمعات البشرية قبلها. ويلاحظ مؤرخون ومفكرون غربيون كبار أنه ليس على أى بلد متخلف يضطر إلى السير وراء بلاد متقدمة أن يتبع بالضرورة نظاما متسلسلا يشابه النظام الذى سارت عليه؛ لأن ميزة وضع متخلف تاريخيا ـ وهذا الوضع قائم ـ يسمح لشعب ما، أو يفرض بالأحرى عليه أن يتبنى الأشياء الجاهزة قبل انقضاء الفترات المحددة، وأن يقفز بذلك عددا من المراحل الوسطية.

وتتخلى الشعوب الهمجية عن القوس والسهام لتستخدم البندقية مباشرة دون أن تضطر إلى قطع المسافة التى فصلت من قبل علميا واجتماعيا وسياسيا بين هذين السلاحين. ولم يأخذ الأوروبيون الذين استعمروا أمريكا التاريخ منذ بدايته. وتوصلت ألمانيا والولايات المتحدة، إلى تجاوز إنكلترا اقتصاديا بعد أن عرف تطورهما الرأسمالى تأخرا ملحوظا.

بالتالى فإن منطق الأدوار لا يسرى على نقل الفكر والتكنولوجيا ونظريات إدارة المجتمعات والبشر، وهكذا فإن مسارات من سبقونا مصدرا لا غنى عنه لإرشادنا إلى حاضرنا.

وأمامنا نماذج سبقتنا، بل وبشكل متطرف، فى تبنى ما نتبعه من سياسات تحرير الأسواق، وأعنى بذلك دولا عديدة فى أمريكا اللاتينية. وأجبرت النتائج الاجتماعية الباهظة، والفشل الاقتصادى الفادح، هذه الدول إلى التحول قبل سنوات إلى نموذج آخر أكثر إنسانية وأقل كلفة على الفقراء. وها هى فنزويلا تتصدر الدول المحققة لأهداف الألفية، وهاهى برازيل لولا داسيلفا تكاد تحاصر الفقر، وفى الوقت نفسه تمتلك قولا رنانا فى إدارة مقاليد التجارة العالمية.

وإذا انتقلنا إلى الجانب الآخر من الكرة الأرضية، تقابلنا نماذج أخرى، قامت على النمو الاقتصادى، كما يقوم منهج حكومتنا. لكنه على الأقل نمو اقتصادى بلمسة إنسانية لا ينفصم عن التعليم والصحة وعن دور قيادى لدولة كفئة.

الأساطير التى تقدمها لنا سياستنا الاقتصادية على أنها حقائق مطلقة ومرجعية شاملة لا يجوز الطعن فيها صارت الآن كالنبال فى مواجهة البنادق. والمشكلة أن هناك من يسهر على استمرارها بل وتوسيعها لأقصى مدى ممكن حتى وإن عارضت كل منطق. ببساطة لأنها تخدم قاعدة مصالح لا ترغب فى التنازل عن موقعها.

لقد أوجدت تطورات الاقتصاد المصرى فى الست سنوات الماضية قوة سياسية اقتصادية واجتماعية جبارة ومسيطرة. وكما تخبرنا دراسة لمنتدى الدراسات الاقتصادية بعنوان «الاقتصاد السياسى للنمو الاقتصادى فى مصر»، فإن معدلات نمو بعض القطاعات الاقتصادية ارتبطت بشكل مباشر بالعلاقات الشخصية التى تربط شركاتها واصحابها بالسياسيين فى مجلس الوزراء وغيره. ومع بزوغ شمس الشركات الكبرى بلا أحزاب فاعلة، ولا حركات للمستهلكين، ولا انتخابات حرة، تحولت إلى مركز ثقل هائل فى النظام السياسى.

وهكذا فإن تبنى سياسات لمكافحة الفقر مثلا لا تتفق مع سياسات السوق، لم يعد أمرا متعلقا بالسياسة الاقتصادية يتجادل بشأنه الخبراء والمتخصصون إلى هذا الحد أو ذاك. وإنما هو شأن سياسى جوهرى، يحسمه توازن القوى الاجتماعية والسياسية ومصالح المسيطرين منها.

البحث عن طريق آخر لاقتصاد مصر هو إذن أمر غير ممكن إلا عبر السياسة. والاختيار بين البدائل المختلفة التى يطرحها تطور البشر وما آل إليه تطور الرأسمالية، لن يتأتى إلا بنظام يعطى أغلبية المنتجين، أغلبية المصريين، القوة والحق فى إدارة دفة أمورهم لتحقيق مصالحهم. طريق الاقتصاد الآخر الذى يصل بنا جميعا للدور المائة فى بناء التقدم، يتفرع من درب الديمقراطية، الذى يبدأ بالانتخابات الحرة حقا.


Friday, December 10, 2010

الأساطير المؤسسة للسياسة الاقتصادية فى عصر نظيف 5

لخصخصة والهوس بشكل الملكية فى الاقتصاد

فى تقديمه للجلسة الافتتاحية لمؤتمر المركز المصرى للدراسات الاقتصادية قبل أسبوع تحت عنوان «القطاع الخاص ودوره فى التنمية»، قال طاهر حلمى، رجل الأعمال والرئيس السابق لغرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة، إن الخصخصة لم تتوقف فى مصر لأنها فشلت بل لأسباب سياسية ترجع لعدم شعبيتها، محملا الحكومة المسئولية الإعلامية عن عدم شرح كفاءة البرنامج ومدى نجاحه.

ولا يستطيع أحد التشكيك فى مدى إيمان حكومة أحمد نظيف بالخصخصة. ولا ينسى أحد رد وزير الاستثمار السابق محمود محيى الدين على من عارضوا بيع بعض المصانع معتبرين إياها «صروحا تاريخية» بالقول إنه «لا صروح تاريخية سوى الهرم وقناة السويس».

قام هذا على قناعة بأن الخصخصة تحسن مؤشرات الأداء المالى والاقتصادى للشركات بزيادة استثماراتها وفى نفس الوقت تقليل تكلفة رأس المال.

كما أن هذا المنطق يعدنا بأن الخصخصة لها تأثير إيجابى أيضا على الاقتصاد عموما. فهى «تعزز مناخ المنافسة وتخفض حجم وعبء القطاع العام وتجذب الاستثمار الأجنبى المباشر». وفى صلب الفكرتين الاقتناع ــ شبه دينى فى بعض الحالات ــ بأن ملكية القطاع الخاص للمصانع والأصول المنتجة والخدمية يعنى ارتفاع كفاءتها.

على هذا الأساس قادت الحكومة بين 2004 و2009 موجة هائلة للخصخصة بلغت ذروتها من حيث عدد عمليات البيع فى العام المالى 2005/06 بحوالى 65 عملية تجاوزت حصيلتها 15 مليار جنيه (بحسب دراسة للباحث طارق الغمراوى من المركز المصرى). بينما كانت أعلى ذرى الخصخصة فيما قبل سنوات حكم نظيف عام 1999/2000 بأربعين عملية بقيمة حوالى 9 مليارات.

لكن الغمراوى يرصد فى دراسته أن نسبة مجمل حصيلة الخصخصة منذ عام 1994 إلى 2008 لم تتجاوز 0.86% من الناتج المحلى الإجمالى.

ويبنى أنصار الخصخصة على ذلك استنتاجا بأنها لم تحدث تقريبا فى مصر، داعين لإحيائها ليس فقط فى الإنتاج والصناعة بل فى البنية الأساسية والخدمات. لكن عديدا من مؤشرات الخصخصة التى تمت، تلقى بكثير من الشك حول علاقة شكل الملكية (خاص أم عام أم تعاونى)، بالكفاءة الاقتصادية.

أول هذه المؤشرات هو حال ما تبقى من شركات قطاع الأعمال العام. فقد تخلصت هذه الشركات المتبقية من كل ديونها من خلال برنامج مكثف قامت به وزارة الاستثمار لتتم تسوية المديونيات المتعثرة للبنوك من إجمالى‏ 32‏ مليار جنيه لتصل إلى الصفر‏.

بينما تحولت المحفظة (147 شركة حاليا) من خسائر قدرها مليار و‏279‏ مليون جنيه إلى تحقيق صافى أرباح يبلغ 4.6 مليار جنيه طبقا للنتائج المبدئية للعام المالى 2009/2010 بإيراد نشاط جارى 63.8 مليار جنيه.
أما على صعيد أوضاع العاملين، فقد زادت متوسطات الأجور فى شركات قطاع الأعمال العام منذ يوليو 2004 وحتى يونيو 2010 بنسبة تربو على 100%، بحسب أرقام وزارة الاستثمار.

إذن ما تبقى فى عهدة الدولة ليس كله خسران، إذا قامت بعمليات الاستثمار المطلوبة وإعادة الهيكلة وفرضت درجة من الشفافية والمحاسبة على إدارات الشركات.

وإذا نظرنا إلى شركات عامة مدرجة فى البورصة بعد خصخصة حصص أقلية فيها نجد مجموعة من الشركات الناجحة كالشرقية للدخان ومصر للألومنيوم والقومية للأسمنت.. وغيرها. فمن مزايا الإدراج بالبورصة الافصاح للمجتمع عن أداء الشركة ومؤشراتها.

فماذا عن الشركات التى تم بيع حصص السيطرة فيها للقطاع الخاص؟ تقول دراسات المركز المصرى إنه لم يختلف أداؤها كثيرا قبل وبعد الخصخصة خاصة فيما يتعلق بأهم عناصر تطوير الأداء الاقتصادى الذى قيل إن الدولة غير قادرة عليه لضعف المهارة وغياب الحافز ونقص الموارد: ضخ استثمارات جديدة وتطوير الأداء.

والحقيقة أن هذا يستقيم مع أغلب التجارب الدولية المماثلة، وعلى رأسها المملكة المتحدة. فتحسن الأداء ينبع فى الأساس مما قامت به الدولة أيضا مما يسمى بإعادة الهيكلة. وفى أحيان كثيرة احتفظ القطاع الخاص بنفس الإدارة (بنك الإسكندرية مثال على ذلك).

وبينما ترفض دراسة المركز المصرى طرح حصص الأقلية فى البورصة أو لاتحادات العاملين على أساس أنهما «لا يتضمنان هدف تحقيق الكفاءة الإنتاجية لأنهما لا يشملان نقل الملكية لمستثمرى القطاع الخاص»، فسر محمود محيى الدين، وهو من أطلقت عليه المعارضة وزير الخصخصة، فى حواره مع الأهرام قبل رحيله إلى واشنطن وقف بيع شركات قطاع الأعمال لمستثمر رئيسى، بأن «تجربتنا مع المستثمر الرئيسى تقول إنه حتى إذا كانت الشركة التى آلت إليه تدر أرباحا وعائدا طيبا، فإنه يحرص على زيادة أرباحه من المنشأة سواء عن طريق تقليص حجم العمالة إلى الحد الأدنى، أو وقف بعض خطوط الإنتاج أو التركيز على إنتاج أصناف تدر ربحا أكبر، وكثيرا ما تؤدى هذه السياسات إلى قلق وتوتر اجتماعى داخل المنشأة.»

ثم إن إحدى قواعد تطور الرأسمالية فى الدنيا خلال العقود الماضية هو فصل الملكية عن الإدارة. والسيد نجيب ساويرس مثلا لا يدير العمل اليومى لشركاته بنفسه، وإنما يعين مديرين قادرين، ثم يحاسبهم على أدائهم من خلال الأرباح التى تدخل جيبه. فماذا لو فعلت الدولة «الديمقراطية» أو تعاونية من المنتجين ذلك؟ ما علاقة اسم المالك هنا بكفاءة الاداء الاقتصادى؟

فما السر إذن فى هذا التركيز على شكل الملكية عوضا عن كفاءة الاقتصاد؟ وما السبب فى إصرار القطاع الخاص المصرى على شراء الأصول العامة بدلا من ضخ استثمارات جديدة وتوظيف عمال جدد؟ لماذا لا يتحمل «رواد الأعمال المصريون» المخاطر كما ينص كتاب الرأسمالية فى فصله الأول؟ أليس ملعب الاستثمار مفتوحا بنفس معدل الضرائب ومستويات الأجور ونفس مناخ الاستثمار وقوانينه؟

السبب هو ما توفره الخصخصة من هوامش أرباح جاهزة لصاحب النصيب من المستثمرين وبدون أى مجهود. إذ أن الدولة لا تبيع الأصول الخاسرة أو المتعثرة إلا بعد ترتيب أوضاعها المالية وتحسين إنتاجيتها وتصفية «عمالتها الزائدة» إلى آخره.


حقيقة هذا الهوس بشكل الملكية ليست إلا النهم لنقل الثروة والسلطة فى المجتمع، الذى تنجزه الخصخصة بأشكالها المختلفة، وعلى رأسها تخصيص الأراضى، إلى حفنة من المستثمرين المنتقين. ليس أكثر.

Monday, December 6, 2010

الأساطير المؤسسة للسياسة الاقتصادية فى عصر نظيف 4

وأما الأسعار فيحددها السوق

من الطماطم إلى السكن، اللحوم والتعليم، الأحذية والمواصلات. ليس هناك سلعة فى مصر لم تشهد طفرات فى أسعارها فى لحظة ما خلال السنوات الماضية. ولا يمكن أن نقرن بشكل كامل بين ارتفاع الأسعار وبين حكومة نظيف، التى جاءت للحكم فى منتصف 2004.

فقد سبقتها موجات هائلة من الطفرات السعرية، كان أبرزها ما حدث وقت حكومة عاطف عبيد بعد تحرير سعر الجنيه مقابل الدولار فى 2003. لكن الأكيد أن الإجراءات الأوسع نطاقا لتحرير الأسعار وفقا للسوق تمت فى عصر الحكومة الحالية، التى شنت الحرب الأكثر ضرواة واتساعا على ما أسمته الأسعار الإدارية، التى تحددها الحكومة بغض النظر عن السوق.

موقف الحكومة الذى يعلى سعر السوق مبنى على تجربة مريرة للمصريين مع الأسواق السوداء التى خلقت سعرين لأغلب السلع (ومنها الدولار نفسه) مما منح البعض أرباحا هائلة على حساب المستهلكين، وخلق تشوهات سعرية مؤذية لفروع الإنتاج.

وهكذا جاءت الحكومة لتقود أكبر عملية لتحرير الأسعار بحسب السوق، كان أبرز ملامحها فى الزراعة مثلا أن صار تسعير المحاصيل، الذى ينعكس على العديد من السلع الغذائية، يتم وفقا لأسواقها العالمية. هذا هو السعر السليم والكفء اقتصاديا للسلع، بحسب ما أكدته حكومة نظيف.

وتقوم نظرية السوق الكفئة، وهى نظرية مرتبطة بسياسات الليبرالية الجديدة وتحرير الأسواق فى العالم كله، على أن سعر السوق لأى سلعة هو السعر الصحيح لها. وعندما يرغب الناس فى شراء المزيد من التليفزيونات مثلا، ترتفع أسعارها. لكن المنتجين يزيدون الإنتاج فيزيد المعروض فتعود الأسعار للانخفاض عند نقطة توازن جديدة.

وطبقا لهذه النظرية تتحرك الأسعار لأعلى وأسفل لتحافظ على العلاقة بين العرض والطلب فى توازن تام. ويدعى أصحاب هذه النظرية ليس فقط أن هذا الوضع يكفل استقرار الأسواق، لكن أيضا أنه يكفل أفضل ترتيب للأسعار، مما يؤدى للتخصيص المثالى للموارد فى المجتمع.

ولا نحتاج هنا لا لدليل نظرى ولا سياسى ولا عملى لنؤكد أن السوق الكفئة بهذا المعنى غير موجودة فى مصر. إذ أن السوق أبعد ما تكون عن التوازن. وأزمات الأسعار تتلاحق واحدة تلو الأخرى، لتصبح، فى أحيان كثيرة بندا على جدول أعمال اجتماعات مجلس الوزراء، بل واجتماعات رئاسية كما حدثت فى أزمة الطماطم واللحوم الأخيرة.


لماذا لم تعمل السوق فى مصر كما تعدنا الحكومة ونظريتها فى كفاءة التسعير؟ الرد الرسمى هو عادة واحد من اثنين، لا ثالث لهما: الأسعار العالمية أو جشع التجار. والمبرران فيهما بعض الصحة. فارتفاعات الأسعار العالمية للمحاصيل الزراعية عام 2008 بسبب المضاربة واستخدامها فى الوقود الحيوى، ساهم بالفعل (إلى جانب رفع الحكومة أسعار الوقود فى مايو 2008) فى صدمة تضخمية وموجة ارتفاع هائلة فى الأسعار فى السوق المحلية. ولا يمكن إنكار أن بعض التجار الكبار يستغلون الموقف لرفع الأسعار بطريقة غير مبررة خالقين لأنفسهم هوامش ربح كبيرة.

لكن النظرية تقول إن السوق ببعض العون الرقابى من الدولة تعالج هذه الأوضاع: بزيادة الإنتاج المحلى من السلع التى ترتفع أسعارها، فيعود التوازن إليها، أو بالمنافسة من تجار آخرين يرغبون فى مساحة أكبر من السوق فيخفضون الأسعار فيجبرون «الجشعين» على ذلك. وذلك لا يحدث بالتأكيد. بل إن نفس السلع عندما تعاود الانخفاض فى السوق المحلية (الحديد مثل على هذا)، لا تنخفض فى مصر، وإن انخفضت، فى أحيان نادرة، فليس بنفس سرعة الارتفاع ولا بدرجته. ما معنى ذلك؟

قبل سنتين أو ربما أكثر، جمعت إحدى الندوات بين مجموعة من الصحفيين وبين المحافظ السابق للبنك المركزى إسماعيل حسن فى العين السخنة. وكان يتحدث فى محاضرة تعليمية عن السياسة النقدية (كيف يتدخل البنك المركزى فى الأسواق عبر سعر الفائدة للإبقاء على التضخم فى حدود آمنة والحفاظ على توازن السوق وسعر الصرف). وقال المحافظ لنا بشكل قاطع ما لن أنساه، وما أعتقد فى صحته تماما: لا يمكن للسياسة النقدية أن تؤتى مفعولها فى مصر لأن السوق ليست تنافسية وليست كفئة.

فى العديد من القطاعات الإنتاجية، وفى تجارة المحاصيل، وفى الاستيراد، هناك مراكز احتكارية معتبرة، تحصد ثمار الارتفاعات العالمية وتمتلك منع انخفاض الأسعار إذا انخفضت عالميا أو لوفرة الإنتاج المحلى. وهذا هو نفس السبب الذى ُيمكِّن بعض التجار من رفع الأسعار إذا أرادوا فى السلع التى يحتكرونها.

أما السبب الثانى فهو الفشل الإنتاجى المصرى بالعجز عن الاستجابة لتطورات السوق العالمية. فبرغم كل شيء مازلنا نستورد أغلب غذائنا، ولم يظهر نهم المنتجين لتغطية حاجة الأسواق المحلية مدفوعين بارتفاعات الأسعار. وهذا هو السبب فيما تقوله دراسة للمركز المصرى للدراسات الاقتصادية فى مايو 2010 من أن تغير أسعار السلع عالميا يفسر 43% من تغيرات مؤشر اسعار المستهلكين فى مصر.

وتنقل الدراسة عن البنك الدولى تقديره بأن معدل تمرير أسعار الغذاء العالمية للمصريين يصل إلى ما بين 61% و81%، وهو «معدل يفوق الاقتصادات المتقدمة والناشئة على حد سواء». ومن نافل القول هنا إن الأكثر تأثرا بهذه الموجات من ارتفاعات الأسعار هم الأفقر والأقل دخلا.

ورغم أن الحالة المصرية متطرفة فى كشف فشل السوق فى تحقيق التسعير الكفء للسلع، فإن الفشل ليس محليا. «يجب أن نكون واضحين بهذا الشأن. لم تقدم النظرية الاقتصادية أبدا دليلا على هذه الآراء الخاصة بحرية السوق.

وقوضت نظريات المعلومات غير التامة وغير المتسقة فى الأسواق كل مذاهب السوق الكفئة، حتى من قبل أن تصبح الأخيرة موضة فى عهد ريجان-تاتشر»، هكذا يقول الاقتصادى الأمريكى الحاصل على جازة نوبل جوزيف ستيجليتز فى مقال نشره فى لندن ريفيو أوف بوكس فى أبريل الماضى.

ويبنى ستيجليتز على ما كشفته الأزمة العالمية من فقاعات سعرية فى الأصول المالية والعقارية ليقول إن «اليد الخفية»، التى يعتمد عليها السوق فى تحديد الأسعار هى «يد غير موجودة أصلا». أما اليد التى نعلم يقينا بوجودها فى أسواقنا، فهى يد المحتكرين. وهى يد لن ينحيها عن مصائر عيشنا إلا يد أقوى منها تجبرها على ذلك: يد المستهلكين والدولة التى تمثلهم.

Tuesday, November 30, 2010

لأساطير المؤسسة للسياسة الاقتصادية فى عصر نظيف 3



على موقع وزارة التجارة والصناعة، وتحت عنوان استراتيجية الصادرات المصرية، تقرأ هذه الكلمات التى تعبر عن توجه أصيل فى سياسة مصر الاقتصادية: «التصدير قد أصبح الآن قضية حياة أو موت لأن استمرار جهود التنمية رهن بزيادة قدرتنا على التصدير لأسواق العالم الخارجى. وبدون نجاح التصدير تنحسر آفاق التنمية وتقل فرص العمالة، وتضعف الآمال فى إحداث تحسين جاد فى مستويات حياة الأفراد، وتلك هى أخطر التحديات التى تواجه مصر».

وتفسر الوزارة ذلك بقدرة التصدير «على خلق فرص عمل جديدة، وإصلاح العجز فى ميزان المدفوعات، وجذب الاستثمار الخاص المحلى والأجنبى ومن ثم تحقيق معدلات نمو مطردة».

وليس الموقف المصرى غريبا على ماكان يحدث فى العالم على مدى 5 عقود. فقد تبنت مصر هدف تنمية الصادرات قبل وصول حكومة نظيف للحكم بوقت طويل. لكن الرؤية الحاكمة لكيفية تطوير الاقتصاد والتنمية لم تضع التصدير أبدا فى المكان الذى وضعته فيه تلك الحكومة.

وعلى مدى خمسين عاما كوفئت دول العالم النامى، التى طورت قدرات تنافسية لصادراتها، كتايوان وكوريا الجنوبية ثم ماليزيا وتايلاند وسنغافورة وأخيرا الصين والهند، بمعدلات نمو اقتصادى هائلة. وساهم التصدير فى تدعيم أرضية اقتصادية داخلية قوية فى هذه الدول ليرفع سقف التنمية فيها بدرجة حولت بعضها من دول متخلفة إلى دول صناعية متقدمة.

لذلك فالإغراء كان مبررا، خاصة بالنسبة لحكومة تتبنى منطلقات تحرير الأسواق. وهكذا كان طبيعيا أن يكون فى طليعة برنامجها قرار سياسى ــ غير شعبى ــ بإقرار اتفاق طال تعثره مع إسرائيل حول المناطق الصناعية المؤهلة (الكويز)، تحت لافتة فتح أسواق التصدير فى الولايات المتحدة. وكما فشل الكويز فى أن يولد طفرة تصديرية للولايات المتحدة أو حتى فى تجاوز المنسوجات إلى منتجات أخرى أو توليد وظائف إلخ، تركز المستفيدون منه فى عدد قليل من الشركات، كانت فى الأصل القوة الدافعة لتوقيعه. وبينما قفز حجم الصادرات المصرية مقارنة بالوضع قبل حكومة نظيف، ظل محدودا بالمقارنة بلاعبين اقليميين كتركيا، بالذات إذا نظرنا للفجوة المتزايدة بين ما نستورده وما نصدره. ولا ننسى هنا السياسات الراديكالية لفتح أسواقنا للتجارة العالمية، كمدخل لفتحها أمامنا.

وهاهى الحكومة تعلن قبل أشهر تمسكها بعقيدة التصدير معلنة أنها تستهدف مضاعفة الصادرات المصرية بحلول عام 2013. لكنه هدف، وإن كان محدودا مقارنة بما كانت تعدنا به الفكرة، أصبح صعب المنال.

فحتى قبل الأزمة العالمية، صارت المنافسة التجارية على الكوكب أكثر حدة وقوة. وبينما كان ظهور النماذج الأولى للتنمية عبر النمو الذى يولده التصدير ملهما، صار كل من يلحق بالركب يزيد صعوبة الأمر على المتأخرين. ومع القدرات الإنتاجية الفائضة فى الدول التى تقدمت الركب، وتراجع الأرباح كثيرا، أصبح من المشكوك فيه تحقيق نفس معدلات النمو السابقة.

بالإضافة إلى أن تنمية التصدير اعتمدت دائما على ميزات تنافسية فى صناعات رائدة بعينها، كالسفن فى الحالة الكورية، والخدمات فى الحالة الهندية. ويصعب فى الوقت الحالى ايجاد منفذ كهذا، لأن القطاع الأول المرشح لقيادة موجة تكنولوجية جديدة للنمو التصديرى، وهو النانوتكنولوجى، مازال بعيدا عن ذلك. وهكذا تضاءلت أهمية صافى الصادرات بالنسبة لأغلب الاقتصادات فى العالم، كما يقول شهيد يوسف، مستشار معهد البنك الدولى.

ناهيك عن أن النموذج المصرى لا يقترب فى سماته الأساسية من كل هذه النماذج، التى كانت الدولة فيها لاعبا أساسيا يقود التحول، بالتوازى مع ثورة فى التعليم والبحث العلمى.

ومع الأزمة العالمية، صارت الشكوك حول مستقبل نموذج النمو بالتصدير يقينا. وهكذا خرج علينا التقرير السنوى لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) «العمالة والعولمة والتنمية» فى سبتمبر الماضى ليعلن بالحرف: «موت النموذج التنموى للإنتاج للتصدير» بناء على حيثيات عديدة.

أولى هذه الحيثيات هو أثر الأزمة العالمية على الطلب العالمى لاسيما طلب المستهلك الأمريكى، الذى يمثل رئة الاقتصاد العالمى. وسيؤدى تراجع استهلاك الأمريكيين بحسب الاونكتاد إلى تنافسية هائلة فى الولايات المتحدة وخارجها، تفوز فيها فى الأغلب الدول الأقوى الموجودة بالفعل. لكنها ستؤدى أيضا إلى حمائية تجارية. لكن الأخطر هو أن المساومة التاريخية فى الاقتصاد العالمى، القائمة على الإنتاج الصينى مقابل الاستهلاك الأمريكى بالدين، قد تنهار دون أن تحل قوة طلب تماثل الأمريكيين. «الطلب المحلى الصينى أقل من ثمن نظيره الأمريكى»، تقول المنظمة.

وهكذا فإن الأونكتاد تنصح الدول النامية بترك التنمية عبر التصدير جانبا وتبنى منهج آخر. «مازال النجاح الطويل المدى يعتمد على ما يحدث فى الداخل وليس الخارج»، يقول سوباتشاى بانيتشباكدى، السكرتير العام للأونكتاد، داعيا للتحول من النمو للتصدير إلى النمو لتلبية احتياجات الداخل. «لتحقيق معدلات نمو كبيرة عبر الاستثمار فى الأصول الانتاجية والبنية الأساسية والخدمات (وليس العقارات) يجب أن يكون دور الدولة أكبر ودور الأسواق المالية أقل. هناك حاجة لإيجاد توازن جديد بين اليد الموجهة للدولة واليد الخفية للسوق»، يستنتج قيادى الأونكتاد.

لكن أهم عنصر فى رأى الجميع هو الأجور. فبينما كانت الميزة النسبية فى نموذج التصدير هى دائما رخص الأيدى العاملة، «فلقد ثبت أن الحفاظ على الأجور منخفضة لا يرتبط بخلق وظائف جديدة. لذا يجب أن ننظر إلى الأجور والدخل كمصدر للطلب. وبرفع الأجور مع نمو الإنتاجية سيرتفع الطلب ليقود إلى المزيد من الاستثمار». ولا يخاف سوباتشاى من هروب الاستثمار الأجنبى إذا «وجدت الاستراتيجية الاقتصادية المحلية السليمة والمؤسسات التى تحافظ على الطلب المحلى مستقرا. وإذا آمنت أن أسواق العمل المرنة هى الأفضل فى العالم كما كان الاعتقاد خلال الثلاثين عاما الماضية، فإنه من الطبيعى أن تغيب هذه المؤسسات».

التنمية فى مصر، بحسب دروس المنظمات الدولية فى عصر ما بعد الأزمة رهن برفع الأجور ياسادة، وفى القطاعين الرسمى وغير الرسمى. وحرى بالحكومة، التى طالما استخدمت تطورات السوق العالمى للترويج لسياسات تحرير الأسواق، أن ترحب الآن بحكم القضاء بضرورة تحديد حد أدنى للأجر لا أن تطعن عليه أو تقاومه. هذا إذا كانت التنمية أولويتها حقا، وليس أرباح الكبار

Tuesday, November 23, 2010

الأساطير المؤسسة للسياسة الاقتصادية فى عصر نظيف 2


الأغنياء يدفعون ضرائب أقل.. لمصلحة المجتمع


كان الكاتب الفرعونى أولا وقبل كل شىء كاتبا فى ديوان من دواوين الحكومة، وكان سيدا، وكان يعلم هذه الحقيقة ويكررها كثيرا فى أوراق البردى. «إن الكاتب هو الذى يفرض الضرائب على مصر العليا ومصر السفلى، وهو الذى يجمعها. إنه هو الذى يمسك حساب كل شىء، وتعتمد عليه جميع الجيوش. إنه هو الذى يأتى بالحكام أمام الفرعون ويحدد خطوات كل رجل».

وتظل الضرائب فى دولة القرن الحادى والعشرين عنصرا أساسيا فى السياسة. وهكذا لم تنتظر حكومة نظيف سوى 65 يوما بعد تعيينها لتعلن تعديلات ضريبية وصفها وزير المالية يوسف بطرس غالى بأنها «ثورية»، مضيفا خلال مؤتمر صحفى فى أكتوبر 2004 أن الحكومة «ظلت تعمل عليها فى الـ64 يوما التى سبقت الاعلان».

التعديلات التى صدرت بقانون فى 2005 أنهت الضرائب التصاعدية فى مصر، أى أن يدفع الأغنى معدل ضريبة أكبر يتناسب مع حجم دخله. وبدلا منها أرست نظاما ضريبيا يقوم على ما يسمى بالمعدل الموحد. انحصر الاعفاء الضريبى لمن يحصلون على دخل أقل من 5000 جنيه سنويا. وأصبح من يحصل على دخل بين 5 ــ20 ألف يدفع 10% بدلا من 27%، ومن يحصل على ما بين 20ــ40 ألفا يدفع 15% من دخله بدلا من 35%. أما الأغنى فيدفعون 20% بدلا من 40%. والأهم من ذلك هو أن ضرائب الشركات تراجعت للنصف من 42% إلى 20%.

يقوم منطق الحكومة على أنه برغم التخفيض ستزيد الحصيلة، وهو ما يفيد الفقراء فى نهاية الأمر. كيف؟ الضريبة الموحدة سهلة ويمكن التنبؤ بها بسهولة مما سيدفع المتهربين، وهم كثر، إلى دفعها، خاصة الشركات والأغنياء، معوضين فى ذلك أثر التخفيضات على الموازنة. وثانيا، الحوافز الضريبية الجديدة ستشجع الاستثمار الخاص، ليخلق وظائف ويرفع الدخول للمستثمرين والعاملين، مما سيعكس نفسه مرة أخرى فى الحصيلة.

والحقيقة أن هذا المنطق الاقتصادى غير ما يبدو عليه، وغير ما حدث. صحيح أن الحصيلة الضريبية زادت بشكل مطرد لكن لأسباب أخرى. فقانون الضرائب الجديد أضاف شرائح ضريبية كانت مستبعدة كعمال اليومية والمكافآت والحوافز غير الأساسى للضريبة، وبالتالى أصبح أصحاب الأجور، خاصة الأدنى هم الذين يدفعون أكثر. ولم تعف الضريبة سوى الذين يتلقون إجمالى دخل يقل عن 416 جنيها شهريا.

وتكشف أرقام وزارة المالية عن الحساب الختامى للعام المالى 2009/2010 أن صاحب أكبر نسبة من إجمالى الضرائب على الدخول والأرباح والمكاسب الرأسمالية الذى بلغ 88.656 مليار هو هيئتا البترول وقناة السويس بـ45 مليار جنيه. أما نصيب العاملين بأجر من الضرائب فبلغ 13 مليار جنيه مقارنة (لاحظ الفرق بين الأغنى والأفقر) بـ22.9 مليار فقط دفعتها الشركات، ومن ضمنها عز وموبينيل وغيرها مما تحقق أرباحا بالمليارات ونجاحا منقطع النظير.

أما الاستثمار الخاص فظل ضئيلا برغم تحسنه، ولا يتجاوز حاليا 100 مليار جنيه. بل إن معدل الاستثمار الكلى بالنسبة للناتج المحلى الاجمالى أقل كثيرا من المطلوب. ولم يقفز لما فوق الـ20% إلا مرة وها هو يقبع عند 19%، وهو معدل لا يضمن الكثير من التنمية ولا التقدم.

وتقول الدراسات الإمبريقية إنه لا يمكن إعطاء المعدل الموحد للضريبة ميزة على الضرائب التصاعدية فى دفع النمو الاقتصادى. وتكشف دراسة لصندوق النقد أن الزيادات الكبيرة فى الناتج الروسى بعد تطبيق معدل ضريبة موحد بـ13% لم تكن بسببها و«إنما بفضل ارتفاع اسعار البترول وزيادة الاجور وتشديد العقوبات على التهرب الضريبى».

لكن ما تجمع عليه الدراسات حقا هو أنها تزيد من عدم المساواة فى المجتمع كما حدث فى مصر. خاصة إذا وضعنا فى الاعتبار عناصر أخرى للنظام الضريبى معادية للفقراء أيضا، كضريبة المبيعات، وضريبة القيمة المضافة التى يعتزم غالى الدفع بها قريبا. وفيما عدا الضريبة العقارية لا توجد ضرائب موجهة للأغنياء بالأساس، ولا لتوجيه ثرواتهم لصالح المجتمع سواء من خلال سد العجز فى الموازنة، لكى تستطيع الدولة الوفاء بالتزاماتها المطلوبة فى التعليم والصحة والخدمات، ولا حتى لتوجيه هذه الموارد اقتصاديا نحو أنشطة إنتاجية تدفع التنمية والتقدم. وترفض حكومة نظيف بإصرار لا يلين فرض ضريبة على الأرباح الرأسمالية المترتبة على التربح من بيع وشراء الأصول العقارية والأوراق المالية، علما بأن هذه الضريبة تصل فى الولايات المتحدة، كعبة العمل الخاص فى العالم، إلى 35%.

أما البديل، فهو واضح وضوح الشمس. فقد وفرت لنا الاقتصاديتان باولا بروفيتا وسيمونا سكابروسيتى فى كتاب صادر فى مايو الماضى، وحاز تقدير صندوق النقد (يرأس فيه غالى لجنة مهمة) بعنوان «الاقتصاد السياسى للضرائب: دروس من الدول النامية»، مقارنة تحليلية بين الأنظمة الضريبية فى آسيا وأمريكا اللاتينية والاتحاد الأوروبى، تستنتج بالأرقام أن عوائد الضرائب أعلى فى الدول الديمقراطية لأن عليها أن ترضى الحاجات التوزيعية للناخبين. وتكتشف الباحثتان أيضا أن الديمقراطية تؤثر على تركيبة الضرائب. فكلما كانت هناك ديمقراطية زاد الاعتماد على الضرائب المباشرة (وليس ضرائب المبيعات التى تسمى غير مباشرة) وعلى الضرائب التصاعدية، أى أن يدفع الأغنياء أكثر.

وهكذا يضيف نظامنا الضريبى بعد آلاف السنين الشركات الكبرى للكاتب الفرعونى الديكتاتور، الذى كان معفى من الضرائب، لكى « تمسك حساب كل شىء» تقريبا، وتتحمل أقل عبء مقارنة بأغلب من يماثلونها فى نظم الديمقراطية الانتخابية فى العالمين النامى والمتقدم.


Saturday, November 20, 2010

الأساطير المؤسسة للسياسة الاقتصادية في عصر نظيف

على غرار الكتاب الاشهر لجون روز "الاساطير المؤسسة للصهيونية" دشن الاقتصادى الشاب وائل جمال سلسلة مقالات
تحت عنوان " الاساطير المؤسسة للسياسية الاقتصادية فى عصر نظيف " ، تناول فيها بالنقد والتحليل نظريات التنمية والياتها فى السياسة الاقتصادية فى مصر ، ويعد وائل جمال من اشهر واكفء المحللين والباحثين الاقتصاديين"الشباب" فى مصر-
واقول شباب لاننا لا نستطيع ان ننسى احمد النجار وجلال امين وغيرهم كثير من جيل الكبار والاساتذة- وتتميز كتاباتة باسلوب رشيق يستطيع من خلالة ايصال ادق التفاصيل الاقتصادية والمالية الى القراء الغير متخصصين دون ان يفقد رصانتة المهنية للمتابعين المتخصصين من رجال الفكر والبحث الاقتصادى ....وقد نشرت المقالات الست فى جريدة الشروق -والذى يعد وائل المحرر التنفيذى لصفحة الاقتصاد فيها - على التوالى ، وللاستفادة سوف انشر المقالات تباعا على المدونة نظرا لاهمية محتواها ومن اجل ايجاد فرص للنقاش حولها لو احب بعض الزملاء .

الأساطير المؤسسة للسياسة الاقتصادية في عصر نظيف


النمو أولاً .. والباقي يأتي لاحقاً!1

تقول الفقرة الأولى فى كتاب أصدره البنك الدولى منتصف الشهر الماضى عن الاقتصاد العالمى، تحت عنوان «اليوم الذى يتلو الغد»، ما يلى: «لم تغير الأزمة المالية العالمية فى 2008 و2009 النظام الاقتصادى العالمى فقط وإنما أيضا طريقة تفكيرنا بخصوصه. المبادئ والممارسات التى كانت حكمة مقبولة صارت محل شك أو بلا مصداقية. وانفتحت أمامنا أسئلة أساسية جديدة لم يكد البحث عن إجاباتها يبدأ». وتبقى السياسة الاقتصادية المصرية محصنة بستار كثيف من المصالح، ستار فكرى وايديولوجى، ضد الشك والأسئلة.


فى المؤتمر الثانى للحزب الوطنى الديمقراطى، الذى انعقد بعد شهرين من وصول حكومة نظيف للحكم، علق وزير المالية يوسف بطرس غالى على مشروع تخفيضات جمركية وضريبية، اقرها مجلس الشعب لاحقا قائلا: «لا اعتقد ان الامر يحتاج سنينا لكى تسقط ثمار آثار تلك الاصلاحات على المواطن العادى. وإن كان القانون يحتاج إلى ما بين 5 و6 شهور ليتم تفعيله فإن التغيير بدأ فورا».

ولم ينس غالى التأكيد على المنطق الأساسى لهذه العملية وهو دفع النمو الاقتصادى بتحفيز أرباح واستثمارات القطاع الخاص وهو ما من شأنه خلق الوظائف وتحسين الدخول وتقليص الفقر وتحقيق تطور تنموى للمجتمع كله.وكنا قد تصورنا أن هذا الموقف تغير فى ابريل الماضى مع تصريحات لوزير الاستثمار محمود محيى الدين، أعلن فيها «نهاية هذه النظرية» قائلا إنه لا توسيع لتوزيع ثمار النمو الاقتصادى، الذى باتت الاغلبية فى الحكم مقتنعة انها لم تصل لعموم المصريين، دون تغييرات ضريبية تأخذ من الأغنياء وتدخل للدولة.

لكن وزير التنمية الاقتصادية، عثمان محمد عثمان، عاد يوم الجمعة الماضى ليؤكد من العين السخنة (وهى للمفارقة نفس البقعة التى تحدث منها محيى الدين الذى لم يعد وزيرا)، وفى ندوة عن دور القطاع الخاص فى التنمية، أنه لا يمكن تحقيق عدالة فى توزيع الدخل دون أن نحقق نموا مرتفعا.

وبعد أن نفى أن «تكون الحكومة قد تبنت فى أى من الأوقات نظرية تساقط الثمار» عاد ليردد مقولتها الأساسية قائلا: «ليس معنى العدل الاجتماعى أن نأخذ من الغنى لنعطى الفقير أو نأخذ قطعة من الكعكة لتعطيها لفئة أخرى ولكن أن نزيد من حجم الكعكة التى نقوم بتوزيعها». وأعلن الوزير أن خطة تنمية مصر فى ال 6 سنوات المقبلة تستهدف مضاعفة الناتج المحلى الاجمالى عبر زيادة استثمارات القطاع الخاص مما يقرب من 100 مليار جنيه حاليا إلى 500 مليار فى 2016/2017.

هذا التوجه يقوم على أسس سادت السياسة الاقتصادية العالمية منذ نهاية الثمانينيات وتعرضت لضربات متلاحقة فى السنوات الأخيرة توجتها الأزمة العالمية، التى تسببت فى سقوط مدو لليبرالية حرية الأسواق اللامحدودة، التى قيل إنها الأكفأ والأقدر على تحقيق رفاه البشر.

ولم يعد أحد فى حاجة لاثبات أن الصلة بين نمو الناتج المحلى الاجمالى والتنمية (تنمية البشر) ليست مثالية ولا مؤكدة. فبلدان الشمال الاوروبى كفنلندا والنرويج لا تتصدر العالم من حيث متوسط نصيب الفرد منه ولا معدلات نموه. لكنها تحتل مكانة متقدمة للغاية على مؤشر التنمية الانسانية الخاص بالبرنامج الانمائى للأمم المتحدة.

ويقول هذا بشكل واضح إنها أكثر كفاءة فى ترجمة النمو إلى رفاهة حقيقة للناس بفضل خدمات امة مكثفة تمولها ضرائب مرتفعة، بينما هناك دول كالولايات المتحدة وبريطانيا، تحتل موقعا متقدما من حيث متوسط نصيب الفرد (الذى لا يكشف الفجوة بين الاعلى دخلا والاقل دخلا)، ومكانا متأخرا بالنسبة لمجموعة الدول الأولى على مؤشر التنمية. وتطبق هذه الدول، الأقل كفاءة فى تحويل النمو إلى الناس، معدلات ضريبية منخفضة نسبيا وبرامج اجتماعية أضعف.

تأتى هذه المفارقة من أن سياسات الدول التى تتبنى حرية الأسواق على طريقة نمو الأرباح أولا، تميل للانحياز لمناخ الاستثمار «الجيد» على حساب أى شىء آخر. دول الليبرالية الجديدة تفضل سلامة النظام المالى وسيولة المؤسسات المالية على ظروف السكان وسلامة البيئة.

وضاعف من حدة هذه المشكلة تطوران مهمان. الأول هو أن مقياس الناتج المحلى الاجمالى ونموه، الذى تعطيه حكومة مصر الأولوية، أصبح محل شك، بسبب قصوره فى قياس كل الأنشطة الانتاجية والخدمية. وصار هناك شك كبير فى أنه يعطى صورة حقيقية لانتاجية المجتمع ورفاهيته.

هذه الانتقادات القديمة تحولت مؤخرا إلى تحرك شمل العديد من الحكومات، وعلى رأسها الولايات المتحدة وفرنسا، لاعادة النظر فيه. وتعكف مجموعات من الخبراء الاقتصاديين الكبار منهم عدد من الحائزين على جائزة نوبل فى الاقتصاد كأمارتيا سن وجوزيف ستيجلتز، على اعداد مؤشر آخر أكثر قدرة على قياس حقيقة عيش الناس وإنتاجهم. ويقول اقتصاديون بعضهم منتمون لمنظمة التعاون الاقتصادى والتنمية إن الاعتماد على الناتج المحلى لم يعط فقط صورة مغلوطة عن الأوضاع الاقتصادية لكنه أيضا «حرف اتجاه اهداف السياسة فى العالم نحو مطاردة بلا عقل للنمو الاقتصادي»، كما يقول الكاتب فى نيويورك تايمز جون جيرتنر.


أما التطور الثانى، فهو الظهور والنجاح النسبى لما يسمى «الدولة التنموية» كماليزيا فى آسيا وبرازيل لولا داسيلفا. فهذه الدول تعتمد على القطاع العام والدولة والتخطيط الحكومى مع تنسيق وثيق مع الشركات المحلية والعالمية لدفع التراكم الرأسمالى عبر النمو. وتعطى الدول التنموية اهتماما خاصا للبنية الأساسية الاجتماعية والمادية على حد سواء، وهو ما يعنى سياسات تحقق درجة أعلى بكثير من المساواة عبر تسهيل الحصول على فرص التعليم والعناية الصحية للكل عبر استثمارات حكومية كثيفة فى المجالين.

يضاف إلى ذلك ما يحدثه النمو المدفوع بأرباح الشركات الكبرى من آثار بيئية خطيرة تضع حدودا حتمية له فى المستقبل مع ثمن باهظ تدفعه الأجيال القادمة. ولسنا بعيدين عن هذا بما يحاصرنا فى مصر من أزمات ندرة فى المصادر الطبيعية من الطاقة للمياه.

ويقول كتاب محرر صدر العام الماضى لعدد من الكتاب الآسيويين، بعنوان الديمقراطية الاقتصادية عبر النمو المنحاز للفقراء، إن منظور تساقط الثمار قد سقط نهائيا، مناديا بتبنى منظور فكرى جديد، لم يعد بعيدا عن أجندة الحكومات، ديمقراطية كانت أم لم تكن.

«إذا كنا فشلنا فى تقليل الفقر بدفع معدل النمو أولا لماذا لا نجرب مدخلا جديدا: فلنقض على الفقر أولا ولنر ما إذا كان ذلك سيدفعنا إلى مسار نمو أعلى وأكثر استدامة؟». ويقول الكتاب إن الفقراء ليسوا قليلى الكفاءة وإنهم يساهمون بالفعل فى النمو الاقتصادى، حتى إن تجاهلهم مؤشر نمو الناتج المحلى الاجمالى، ولو حصلوا على التعليم والصحة لساهموا بالمزيد «بكل تأكيد». ولا ينسى الكتاب حقوق الفقراء السياسية فى الحصول على احتياجاتهم الأساسية، وعلى المعلومات، وعلى «العدالة».

تساقط الثمار على طريقة حكومتنا لم يعد خيارا رائجا فى عالم الرأسمالية. النمو لا يرفع معه كل المراكب. بل ُيغرق أغلبها. أما ما يسقط من فتات من على موائد أصحاب الشركات الكبرى، فلا يريده أحد.

Wednesday, October 6, 2010

قولوا للأكل الحرام .....بالهنا والشفا!!1


كنت اتابع فى رمضان على فترات متقطعة مسلسل العار والذى هو إعادة انتاج لفليم العار ولكن بتفاصيل اكثر درامية ...وقد حاز المسلسل على نسبة مشاهدة كبيرة وقبول واسع ، خاصة مع اغنية التتر المميزة ...لكن ما شد انتباهى ان الفكرة الرئيسية للمسلسل هى ( النهاية السودة للمال الحرام ) ... وطبعا هى تيمة راسخة فى الدراما والسينما المصرية ....ولكنها كانت مركزة بشكل اكبر فى هذا العمل بشكل مبالغ فية للغاية ....ولكن على اى حال الناس احبت المسلسل ليس بسبب مستواة الفنى مثلا ولكن لانة داعب فكرة رومانسية كثيرا ما يأنس لها البسطاء ... وهى الاغنياء الاشقياء باموالهم والفقراء السعداء بضنكهم .... بل ان هناك صور اكثر سذاجة لا تمل الدراما من تقديمها ...فدائما ما يكون الفاسدون من اصحاب الاموال اوالنفوذ ....لديهم ابن معاق مثلا .... ولد مدمن ..زوجة خائنة ... او لديهم مرض خطير ... المهم اى شىء "يكسر" الشعور بالحقد ويدعو للتعاطف مع هؤلاء الاغنياء الاشقياء!! ....بينما على الجانب الاخر يبدو الفقراء سعداء ومبتسمين وراضيييين واصحاء كالبغال واطفالهم متفوقين فى دراستهم ....الخ .

هذة الافكار الهزلية والخادعة لا تروج لوجة الله او نتاج الصدفة ....ولكنها تهدف عادة الى "تبرير الاوضاع" اكثر من اى شىء اخر ولخدمة مصالح طبقة مستغلة ومستفيدة من بقاء الحال كما هو علية ....وترجع سبب شعبية هذة الافكار انها تقدم مواساة للفقراء والبسطاء فى بؤسهم.. هم فقط لا يستوعبون فكرة ان هناك اناس تعيش فى جنة على الارض وسيتمتعون بها لاخر حياتهم بدون "شلل :" او" سجن" !1
بينما هم فى فاقة الى ابد الابديين بدون لحظة نعيم واحدة ....ولهذا يقبلون على تعاطى هذة الافكار بنهم ..

من الناحية الدينية طبعا انا لا انكر العقاب الالهى للفاسدين والخاطئين ...... ولكن الاصل فيها هو عقاب الاخرة
" الحساب" وفكرة التعجيل الانى واللحظى بالعقاب هى الاستثناء ....ولو كان هذا حال الدنيا لما ظهر فاسدين ولصوص وقتلة اصلا ولانصلحت الاحوال من زمان بعيد. و تقديم هذة الفكرة الساذجة وربطها بالدين .. وترويجها من خلال رجال الدين الرسميين تارة ... والوهابيين تارة اخرى ....شىء مؤسف فهم يكرسون فى اذهان الناس " الدور السلبى " فى الحياة ...فليس على الناس ان يسعوا للاقتصاص من النصابين والفاسدين واالمستغلين و المستبدين مثلا ...فهذا شأن السماء ويجب ان بنتظروا تحقيق " العدالة الشعرية " وجل دورهم هو ترديد
منة لله ... حسبى الله ونعم الوكيل ...الخ

لا تننظروا الاشقياء حتى "يزورو من اللقمة الحرام" .... بل انتزعوها من افواههم ان كانت ملوثة بحقوقكم
والا فلا تصدعونا بالانتحاب والعويل ... وبالهنا والشفا عليهم .


Tuesday, August 3, 2010

Monday, July 12, 2010

الثلاثة يشتغلوننا !


عندما شاهدت اعلانات فيلم ياسمين عبد العزيز الجديد ..لم اعتقد انة فيلم جيد او حتى يمكن ان استمتع بة .. ولهذا اجلت مشاهدتة اكثر من مرة ...ولكن بعد انتهائى من الفليم اكتشفت انة فيلم رائع..- فى حدود فيلم كوميدى خفيف- تجسد ياسمين دور نجيبة الاولى على الثانوية العامة .. وبعد دخولها الجامعة مباشرة تتعرف على ابن رجل اعمال ثرى ولكنة فاشل دراسيا ويوهمها بالحب حتى تقبل مساعدتة فى الامتحانات الى ان ترسب هى ويستطيع ان ينجح بالغش بمساعدتها ...ثم يتنكر لها . بعد ان تكون تعودت على جو السهرات والحفلات بصحبة اولاد الاغنياء .وتكون هذة اول صدمة تتعرض لها ..هى الفتاة الساذجة التى لم ترفع يوما عينها عن كتاب الوزارة وبعد قليل يقابلها شاب "يسارى " يقود المظاهرات داخل الجامعة وشاعر وكاتب وصحفى وامين شباب حزب كذا....الى اخر الراكور اللى حفظناة من افلام السينما المصرية الاصيلة .... وبعد ان تعجب نجيبة بة وتؤمن بالكادحين والطبقة العاملة والثورة الشعبية ضد البرجوازية والطبقات الطفيلية تصطدم بحقيقة انة يركب عربية حديثة جدا ويعيش فى رفاهية بالعربى يتكسب من عملة السياسى ودفاعة عن الكادحين الذى سعى بكل قوتة لان لا يكون منهم ! ..وتزيد الطين بلة عندما يحاول اقناعها بان الزواج موضة اجتماعية سخيفة وانها يجب ان تتحرر مع من تحب! واخيرا عندما تسجن بسبب نشاطاتة يتنكر لها هو الاخر ....!! وهنا لا تجد الفتاة المسكينة والتى لاتفهم لماذا تصدم دائما فيمن تقتنع بة ... الا الجماعات الدينية وتتلقفها على طريقة ....كفاية ضلال بقى ... انتى اختنا وخايفين عليكى .... وبعد فترة وجيزة ترتدى النقاب وتقرر الا تذهب للجامعة لان دراستها فى كلية الاثار كفر والحاد وعبادة للاصنام !! ويقترب منها شاب من الدعاة - النجوم/ الاعلاميين الجدد ويعجب بها ويثنى على شخصيتها ويوظفها لدية فى القناة ويعرض عليها الزواج ..وهو متزوج من اثنتين اصلا ...فيرد عليها بالاجابة النموذجية ...مثنى وثلاث ورباع ! ... وطبعا صدقت الامام ! وماهى الا قترة ونتيجة للشحن الرجعى ان تقرر هى وصديقاتها الجديد تحطيم كل التماثيل المعروضة فى كليتها لانها اصنام ! وبعد قرار الكلية بفصلها لمدة عامين ... يظهر الداعية - النجم الشاب على الشاشة مستنكرا ما فعلت ويدينها بشدة ويطردها من القناة ...خوفا من توقف الاعلانات طبعا للقناة ... واخيرا تدخل فى ازمة عميقة جدا مع نفسها الى ان تكتشف انها يجب الا تلغى عقلها ولا تقتنع بكلام اى احد لمجرد ثقتها فية ...... مش عارف لية الفيلم فكرنى بنفسى .... وان كان الترتيب اختلف شوية ...جماعات، ليبرالين، يساريين هههههههه!1

عارف ان فى ناس كتير ممكن تزعل منى
بس الحقيقة يا جدعان ان الثلاثة لا يشتغلونها فقط ... ولكنهم يشتغلوننا ايضا

Sunday, June 6, 2010

لا تصالح - فى ذكرى النكبة


(1 )

لا تصالحْ!

..ولو منحوك الذهب

أترى حين أفقأ عينيك

ثم أثبت جوهرتين مكانهما..

هل ترى..؟

هي أشياء لا تشترى..:

ذكريات الطفولة بين أخيك وبينك،

حسُّكما - فجأةً - بالرجولةِ،

هذا الحياء الذي يكبت الشوق.. حين تعانقُهُ،

الصمتُ - مبتسمين - لتأنيب أمكما..

وكأنكما

ما تزالان طفلين!

تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:

أنَّ سيفانِ سيفَكَ..

صوتانِ صوتَكَ

أنك إن متَّ:

للبيت ربٌّ

وللطفل أبْ

هل يصير دمي -بين عينيك- ماءً؟

أتنسى ردائي الملطَّخَ بالدماء..

تلبس -فوق دمائي- ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟

إنها الحربُ!

قد تثقل القلبَ..

لكن خلفك عار العرب

لا تصالحْ..

ولا تتوخَّ الهرب!

(2)

لا تصالح على الدم.. حتى بدم!

لا تصالح! ولو قيل رأس برأسٍ

أكلُّ الرؤوس سواءٌ؟

أقلب الغريب كقلب أخيك؟!

أعيناه عينا أخيك؟!

وهل تتساوى يدٌ.. سيفها كان لك

بيدٍ سيفها أثْكَلك؟

سيقولون:

جئناك كي تحقن الدم..

جئناك. كن -يا أمير- الحكم

سيقولون:

ها نحن أبناء عم.

قل لهم: إنهم لم يراعوا العمومة فيمن هلك

واغرس السيفَ في جبهة الصحراء

إلى أن يجيب العدم

إنني كنت لك

فارسًا،

وأخًا،

وأبًا،

ومَلِك!

(3)

لا تصالح ..

ولو حرمتك الرقاد

صرخاتُ الندامة

وتذكَّر..

(إذا لان قلبك للنسوة اللابسات السواد ولأطفالهن الذين تخاصمهم الابتسامة)

أن بنتَ أخيك "اليمامة"

زهرةٌ تتسربل -في سنوات الصبا-

بثياب الحداد

كنتُ، إن عدتُ:

تعدو على دَرَجِ القصر،

تمسك ساقيَّ عند نزولي..

فأرفعها -وهي ضاحكةٌ-

فوق ظهر الجواد

ها هي الآن.. صامتةٌ

حرمتها يدُ الغدر:

من كلمات أبيها،

ارتداءِ الثياب الجديدةِ

من أن يكون لها -ذات يوم- أخٌ!

من أبٍ يتبسَّم في عرسها..

وتعود إليه إذا الزوجُ أغضبها..

وإذا زارها.. يتسابق أحفادُه نحو أحضانه،

لينالوا الهدايا..

ويلهوا بلحيته (وهو مستسلمٌ)

ويشدُّوا العمامة..

لا تصالح!

فما ذنب تلك اليمامة

لترى العشَّ محترقًا.. فجأةً،

وهي تجلس فوق الرماد؟!

(4)

لا تصالح

ولو توَّجوك بتاج الإمارة

كيف تخطو على جثة ابن أبيكَ..؟

وكيف تصير المليكَ..

على أوجهِ البهجة المستعارة؟

كيف تنظر في يد من صافحوك..

فلا تبصر الدم..

في كل كف؟

إن سهمًا أتاني من الخلف..

سوف يجيئك من ألف خلف

فالدم -الآن- صار وسامًا وشارة

لا تصالح،

ولو توَّجوك بتاج الإمارة

إن عرشَك: سيفٌ

وسيفك: زيفٌ

إذا لم تزنْ -بذؤابته- لحظاتِ الشرف

واستطبت- الترف

(5)

لا تصالح

ولو قال من مال عند الصدامْ

".. ما بنا طاقة لامتشاق الحسام.."

عندما يملأ الحق قلبك:

تندلع النار إن تتنفَّسْ

ولسانُ الخيانة يخرس

لا تصالح

ولو قيل ما قيل من كلمات السلام

كيف تستنشق الرئتان النسيم المدنَّس؟

كيف تنظر في عيني امرأة..

أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟

كيف تصبح فارسها في الغرام؟

كيف ترجو غدًا.. لوليد ينام

-كيف تحلم أو تتغنى بمستقبلٍ لغلام

وهو يكبر -بين يديك- بقلب مُنكَّس؟

لا تصالح

ولا تقتسم مع من قتلوك الطعام

وارْوِ قلبك بالدم..

واروِ التراب المقدَّس..

واروِ أسلافَكَ الراقدين..

إلى أن تردَّ عليك العظام!

(6)

لا تصالح

ولو ناشدتك القبيلة

باسم حزن "الجليلة"

أن تسوق الدهاءَ

وتُبدي -لمن قصدوك- القبول

سيقولون:

ها أنت تطلب ثأرًا يطول

فخذ -الآن- ما تستطيع:

قليلاً من الحق..

في هذه السنوات القليلة

إنه ليس ثأرك وحدك،

لكنه ثأر جيلٍ فجيل

وغدًا..

سوف يولد من يلبس الدرع كاملةً،

يوقد النار شاملةً،

يطلب الثأرَ،

يستولد الحقَّ،

من أَضْلُع المستحيل

لا تصالح

ولو قيل إن التصالح حيلة

إنه الثأرُ

تبهتُ شعلته في الضلوع..

إذا ما توالت عليها الفصول..

ثم تبقى يد العار مرسومة (بأصابعها الخمس)

فوق الجباهِ الذليلة!

(7)

لا تصالحْ، ولو حذَّرتْك النجوم

ورمى لك كهَّانُها بالنبأ..

كنت أغفر لو أنني متُّ..

ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.

لم أكن غازيًا،

لم أكن أتسلل قرب مضاربهم

لم أمد يدًا لثمار الكروم

لم أمد يدًا لثمار الكروم

أرض بستانِهم لم أطأ

لم يصح قاتلي بي: "انتبه"!

كان يمشي معي..

ثم صافحني..

ثم سار قليلاً

ولكنه في الغصون اختبأ!

فجأةً:

ثقبتني قشعريرة بين ضلعين..

واهتزَّ قلبي -كفقاعة- وانفثأ!

وتحاملتُ، حتى احتملت على ساعديَّ

فرأيتُ: ابن عمي الزنيم

واقفًا يتشفَّى بوجه لئيم

لم يكن في يدي حربةٌ

أو سلاح قديم،

لم يكن غير غيظي الذي يتشكَّى الظمأ

(8)

لا تصالحُ..

إلى أن يعود الوجود لدورته الدائرة:

النجوم.. لميقاتها

والطيور.. لأصواتها

والرمال.. لذراتها

والقتيل لطفلته الناظرة

كل شيء تحطم في لحظة عابرة:

الصبا - بهجةُ الأهل - صوتُ الحصان - التعرفُ بالضيف - همهمةُ القلب حين يرى برعماً في الحديقة يذوي - الصلاةُ لكي ينزل المطر الموسميُّ - مراوغة القلب حين يرى طائر الموتِ

وهو يرفرف فوق المبارزة الكاسرة

كلُّ شيءٍ تحطَّم في نزوةٍ فاجرة

والذي اغتالني: ليس ربًا..

ليقتلني بمشيئته

ليس أنبل مني.. ليقتلني بسكينته

ليس أمهر مني.. ليقتلني باستدارتِهِ الماكرة

لا تصالحْ

فما الصلح إلا معاهدةٌ بين ندَّينْ..

(في شرف القلب)

لا تُنتقَصْ

والذي اغتالني مَحضُ لصْ

سرق الأرض من بين عينيَّ

والصمت يطلقُ ضحكته الساخرة!

(9)

لا تصالح

ولو وقفت ضد سيفك كل الشيوخ

والرجال التي ملأتها الشروخ

هؤلاء الذين تدلت عمائمهم فوق أعينهم

ه الثريد,هؤلاء الذين يحبون طعم
وامتطاء العبيد,

وسيوفهم العربية قد نسيت سنوات الشموخ

لا تصالح

فليس سوى أن تريد

أنت فارسُ هذا الزمان الوحيد

وسواك.. المسوخ!

(10)

لا تصالحْ

لا تصالحْ

Saturday, May 15, 2010

جبهة الدفاع عن استقلال نقابة المحامين تقتحم مبنى النقابة وتدعو المحامين للانضمام لإعتصامها ضد التعديلات المشبوهة

14 مايو 2010

قام اكثر من 300 محام ومحامية مساء أمس الخميس باقتحام نقابة المحامين وهم من جبهة الدفاع عن استقلال نقابة المحامين والتى تضم كافة التيارات السياسية بالنقابة وذلك اعتراضا على التعديلات المشبوهة لقانون المحاماة والتى تقدم بها عمر هريدى عضو مجلس النقابة وعضو مجلس الشعب عن الحزب الوطنى ووافقت عليها اللجنة التشريعية بالمجلس الثلاثاء الماضى .

وقد منع المعتصمون عبد الغفار ابو طالب عضو مجلس النقابة من دخول النقابة ورحبوا بكل الاعضاء الذين رفضوا التعديلات وعلى رأسهم محمد الدماطى عضو مجلس النقابى اليسارى وكذلك خالد ابو كريشة وسعيد عبد الخالق .

وجدير بالذكر ان حمدى خليفة وافق على تلك التعديلات ومن المعروف انه مرشح على قوائم الوطنى فى انتخابات الشورى الحالية ، ومن ابرز التعديلات على القانون زيادة عدد اعضاء العدد المسموح به لسحب الثقة من النقيب ومجلس النقابة من 500 عضو فى القانون الحالى الى 50000 ويكون العدد من عشر نقابات فرعية وكذلك تعديل اخر يقضى بالسماح لأى محام مقيد بالنقض وغير مزاول للمهنة بصفة مستمرة بالترشح لمقعد النقيب وذلك ليسمح لفتحى سرور او امال عثمان او اى شخصية وزارية حكومية بالترشح على خلاف النص الحالى الذى يقضى بالترشح لمنصب النقيب اى محام حر قضى فى المهنة 20 عام متصله دون انقطاع ولا يجمع بين منصب النقيب او اى منصب حكومى اخر .

وقد اثارت تلك التعديلات حالة من السخط فى اوساط الجمعية العمومية للمحامين والتى بدات بالفعل فى تحرير طلبات سحب ثقة للنقيب وكذلك المجلس وعقدت مؤتمرات لرفض تلك التعديلات انتهت بتوصية للعتصام داخل دار النقابة وكذلك الدعوة لوقفة احتجاجية السبت القادم امام مجلس الشعب لرفض التعديلات وهو اليوم الذى سيناقش فيه المجلس التعديلات لاقرارها بعد موافقة اللجنة التشريعية .

نقلا عن :

الأشتراكية الثورية

Friday, May 14, 2010

البيان الثاني لجبهه الدفاع عن إستقلال نقابة المحامين

تعلن جبهة الدفاع عن إستقلال نقابة المحامين والتى بدأت إعتصامها المفتوح بمقر النقابة أمس الخميس 13/ 5/ 2010 أنه نمى إلى علمها أن الأستاذ الأمين العام للنقابة قد أصدر قرارا إلى موظفي النقابة بعدم توجه الموظفين إلى نقابة المحامين ، وهو قد يكون قرارا توطئة لاتهام المحامين المعتصمين بتعطيل العمل في النقابة وهو أمر تحذر منة الجبهه وتعلن أن نقابة المحامين كمرفق عام يجب أن يؤدي دوره بإنتظام واضطراد دون أى تعطيل ، وأن الجبهه شكلت لجنة لمساعدة المحامين الشباب وغيرهم لإستخراج الكارنيهات وتقديم الأوراق ، وتنوة الجبهة الى أن المحاولات المباحثية والأمنية عبر محاولات إلصاق تهم بالمعتصمين لن تجدي نفعاً خاصة مع تمسكهم بحقوقهم الدستورية في عدم تمرير مشروع التعديل المشبوه دون عرض على المحامين وأن عدد 300 ألف محام هم كيانات غير موجودة ولاتستأهل أخذ رأيها فيما يتعلق بحقوقها
جبهة الدفاع عن إستقلال نقابة المحامين

لقراءة البيان الأول

13/ 5/ 2010
نظمت جبهة الدفاع عن إستقلال نقابة المحامين أمس الأربعاء وقفة إحتجاجية ، وذلك للإعلان عن بدء الاعتصام المفتوح فى تمام الساعة الثانية عشر من ظهر يوم السبت القادم 15/ 5/ 2010 ، إلا أن الجبهة فوجئت مساء اليوم الخميس 13/ 5/ 2010 بإعلان مجلس الشعب عن مناقشته للتعديلات المشبوهة لقانون المحاماة مما حدا بالجبهة أن تقرر الآن فى تمام الساعة التاسعة من مساء اليوم بدء الاعتصام الفعلى بمقر النقابة والدعوة لمؤتمر صحفى عاجل يُعقد بمقر النقابة وذلك فى تمام الساعة الـثانية عشر من مساء اليوم لطرح آخر المستجدات وإعلان موقف المحامين من تلك التعديلات المشبوهة والتى لم يطلع عليها المحامون حتى الآن والتى هى بالتالى تستهدف خدمة أغراض خاصة لأشخاص بذواتهم.

جبهة الدفاع عن استقلال نقابة المحامين

Saturday, April 24, 2010

حافة الليل

أمين ريان
اصدرت دار الشروق طبعة جديدة لرواية حافة الليل، للكاتب امين ريان. ورغم ان عمر الرواية يناهز ستين عاما الا انها تناقش موضوع يثير الجدل حتى الان فى مجتمعنا وهو الخلاف بين الدين والفن او فلنقل بين انصار كل منهما ورغم مرور عقود كثيرة بين محاولات الشد والجذب بين كلا الفريقين الا انة لم يحسم الى الان ، تدور احداث الرواية حول شاب فنان يهوى الرسم و يلتحق بكلية الفنون الجميلة فى الاربعينيات من القرن الماضى ويطلب منة اثناء دراستة رسم موديلات لفتيات عاريات ورغم اندهاشة يكتشف انة شىء روتينى لطلبة الكلية ينجزة بعضهم برضا والبعض الاخر وهو ساخط على نفسة ومن خلال المناقشات التى يثيرها الموضوع بين الزملاء وبين الاساتذة يستعرض البطل حدود الخلاف القديم بين اهل الفن واهل الموروث الاجتماعى المحافظ ....متسائلا هل الفن يمكن ان يوضع تحت رقابة اجتماعية وفكرية لاحتواءة بشكل دينى ويتم تهذيبة ....ام ان حرية الفن اصلا وانطلاق الفنان فى شتى المدارس الجمالية والفكرية هى التى تتيح للفن ان يعبر عن الناس والحياة بشتى الوانها لتعليم الناس والرقى بذوقهم.....وهل يمكن ان يكون الفنان اثناء تعبيرة عن وجدانة باعمالة الفنية مرتكبا لخطيئة دينية ...ام ان الفن بحد ذاتة رسالة راقية وسامية ليست اقل من الدين فى اهميتة للناس وان التعارض بينهم شىء مختلق .... الرواية مليئة بالصراعات الفكرية والشخصية بين الابطال وقد نسجها امين ريان بموهبة اصيلة وباسلوب فنان-فيلسوف

تحياتى وارجو ان تستمتعوا بالرواية

Monday, April 19, 2010

اوبريت ..صاحب السعادة للرائع اسماعيل يس




كلنا عايزين سعادة
بس اية هى السعادة
ولا اية معنى السعادة
قولى يا صاحب السعادة
قولى قولى
ناس قالولى ان السعادة بالفلوس
حاجة سموها الجنية
قول فضلت اجمع واحوش
فى الفلوس لحد ما حسيت انى بية
كل ما امشى فى اى حتة
ابتسامة
واللى يمسحلى الجاكتة باحترام
واللى يشتم فى فلان
واللى يعمل بهلوان
واللى يفتحلى البيبان
واللى يمسحلى المكان
كل دى ..كانت اونطة
مش باخلاص او ارادة
اى ضحكة ..ابتسامة..
عليها اجرة
تبقى فين هى السعادة ؟
قولى يا صاحب السعادة
قولى قولى
ناس قالولى ان السعادة فى الغرام
ويا احسان او نوال
نظرة ثم ابتسامة
واخوك قوام طار فى شرك الجمال
الهوا شعلل فؤادى باللهيب
وفى هدايا فضلت اهادى لاجل اطيب
وانطفت نار القليل..لما بلتلى الحديد
وحلفتنى ميت يمين انى اكون مخلص امين
بعد حلفانى بيومين شوفت الحبيبة
وياة واحد ..والاكادة
انة صاحبى ..وهى عارفة
تبقى فين هى السعادة
قولى يا صاحب السعادة
قولى قولى
قولت احسن لما اشوف بنت الحلال
دى السعادة فى الجواز
قول نهايتة رحت دافع مهر عال
للعروسة وللجهاز
يوم كتبنا ويوم دخلنا عالزفاف
بعد جمعة خاب املنا بالخلاف
اشتيكلها فى الغرام ..تشتكيلى بالقليل
خياطتها ..والهدوم طلعوا مش اخر موديل
فكرها مشغول بصيدناوى وموباكو..والمقلم واللى سادة
اما جوزها مش ضرورى ..واجباتة
تبقى فين هى السعادة ..قولى يا صاحب السعادة
قولى قولى

Tuesday, March 9, 2010

حوار مع مؤلف "رواية فى بلد الولاد" ...مصطفى فتحى


حوار مع مصطفى فتحى :

مقدمة:

رواية فى بلد الولاد هى اولى اعمال الصحفى الشاب مصطفى فتحى وقد اثارت الرواية الكثير من الجدل والنقاش حول الافكار التى تتناولها الرواية بل و شخصية الكاتب نفسة ولكى ناخذ موقف ضد او مع الرواية لا بد من مناقشة كل الاسئلة التى دارت فى ذهن الجمهور مع المؤلف وكان لنا معة حوار شيق هذا نصة :

س- كيف اتتك فكرة الرواية ومالذى دفعك لكتابتها ؟

ج- الموضوع ابتدا بتحقيق صحفى لكن لما قربت من العالم دة قابلت اشخاص وسمعت منهم قررت احول الموضوع الى رواية علشان اوصل لناس كل ابعاد الموضوع

س- فى تصدير كتابك اهديتة الى كل انسان يحترم الاخر وكان فى الامكان تناول الفكرة من زاوية المسيحين او البهائيين مثلا ، لماذا اخترت المثليين تحديدا ؟

ج- ولية مش المثليين ؟ بص المبادىء لا تجزء انا فعلا قابلت ناس كتير ممكن يتقبلوا البهائيين او العلمانيين او حتى اللادينين بس المثليين لاء ، انا اخترت المثليين لانهم النموذج الاصعب ولو حد اقتنع بتقبلهم اكيد سهل انة يتقبل باقى الطوائف والاقليات

س- اثناء كتابتك للرواية كيف كانت ردود افعال الاصدقاء والزملاء المقربين ؟

ج- فى ناس كتير رفضت الفكرة لدرجة ان ثلاث دور نشر كبيرة رفضت طبع ونشر الرواية وفى ناس عجبتهم الفكرة بس قالولى انها هتجيب مشاكل كتير (وممكن تقلب الدنيا عليا )

س- الا ترى ان مناقشة فكرة المثلية امر جرىء وحساس نوعا ما فى مجتمع شرقى ؟

ج- بص عندنا حساسيات وخطوط حمراء كتير احنا لية بنخاف نناقش قضايانا المهمة او الشائكة فى جو موضوعى ومنفتح ، فى رأى المناقشى هى الحل

س- هناك من اعتبر الرواية مجرد تحقيق صحفى مطول ولا يرقى لعمل ادبى حقيقى ، ما رايك فى ذلك؟

ج- انا من البداية قلت انى صحفى مش اديب ، بس اية المشكلة انى اعمل تحقيق فى شكل قصة او رواية لتقريب الفكرة للناس انا قريت تحقيقات من النوع دة فى الصحافة الاجنبية وكتير منها كان ناجح

س- بصراحة الم تكن الشهرة والحصول على خبطة صحفية من دوافع كتابتك للرواية ؟

ج- تحقيق الشهرة والحصول على خبطة صحفية حلم كل صحفى ودى اهداف مشروعة مش عيب ان اسعى اليها مع اهتمامى الفعلى بالفكرة

س- بعد صدور الرواية ، كيف تقبلها جمهور المثليين ؟

ج- بعضهم اعجبتة الرواية والبعض الاخر لم تعجبة ودة شىء طبيعى ومن الانتقادات اللى اتذكرها انى بعضهم قالى انى وصفت وحددت اماكن تعرفهم ومقابلاتهم وان دة عملهم مشاكل

س- رغم اقترابك من عالم المثليين الا ان كثيرين منهم اتهموك بانك لم تتفهم الشخصية المثلية بعمق حقيقى بدليل انك ذكرت ان بطل الرواية تعرض للاغتصاب منذ الصغر ومع ذلك اغلب المثليين لم يتعرضوا لاغتصاب او تحرش جنسى فى مرحلة الطفولة ، ما تفسيرك لهذا ؟

ج- عندك حق بس مع ذلك نسبة منهم تعرضوا للاغتصاب او التحرش الجنسى ، وعلى كل انا قدمت قصة حقيقة من الواقع كما سمعتها من احد المثليين شخصيا وقررت ان اقدم الواقع كما هو

س- اثناء الكتابة هل اهتممت بقراءة رأى الطب النفسى فى المثلية ؟

ج- اكيد اطلعت على ابحاث واراء كتيرة وفى الغالب فى مدرستين : الغربية او الاوروبية والاميريكية اتجهوا حاليا الى الغاء المثلية من تصنيفات الامراض المثلية وقرروا انها شىء طبيعى يجب تقبلة بينما المدرسة الشرقية ومنها العربية ترى المثلية مرض يمكن التخلص منة ، ولكنى فى الحقيقة تكلمت مع اكثر من طبيب نفسى وسالتة هل يوجد حالة واحدة تم شفائها من المثلية ؟ وكانت الاجابة هى لا بحجة ان العلاج يحتاج لفترة طويلة واغلب المرضى لا يكملون العلاج !

س- الم تخشى من ان يتهمك البعض بالشذوذ وانك تروج للمثلية وهذا ما حدث بالفعل ؟

ج- بص، انا مبخافش وفى اعلاميين هاجمونى وقالو كلام زى دة منهم صوت الامة ولقيت جروب فى الفيس بوك ضد الرواية بس العدد كان قليل اوى ، الفكرة انى بدافع عن المثليين ولست ادافع عن المثلية ذاتها وادعو لتقبلهم

س- بعد نجاح الرواية وانتشارها هل هناك اى مشارييع لتحويلها لعمل سينمائى مثلا ؟

ج- بالفعل فى مخرجين كتير عرضوا على تصوير الرواية وانا فى مرحلة الاعداد للفيلم مع احد المخرجين الشبان ولكن تعطلنا عقبات انتاجية

س- هل لديك مانع من نشر الرواية على حلقات فى الجرائد فى الفترة القادمة ؟

ج- لا ابدا بالعكس انا ارحب جدا بذلك وبشكل مجانى ولكن ليست كل الجرائد مستعدة لنشرها وليوم السابع نشرت فصل من الرواية بالفعل

س- فى ظل اضطهاد المثليين فى الشرق الاوسط ومطاردتهم مرة بالسجن ومرة باحكام الاعدام كما تفعل بعض الدول او بالقتل على ايدى الميليشيات المسلحة ، هل ترى ان روايتك قد تساعد على تفهم اوضاع المثليين ومشاكلهم ؟

ج- هذة اوضاع مؤسفة ولكن ممكن نقول ان روايتى مجرد خطوة فى الطريق دة وياريت يكون فى اخرين يكملوا الخطوة دى

س- كلمة اخيرة للجمهور ولقراء الرواية ؟

ج- تعالوا نعيش فلا مجتمع متسامح بغض النظر عن الجنس واللون والدين والفكر والميول الجنسية المختلفة ، لان مفيش مجتمع متعصب بيتقدم...... وتقبل الاخر هو الاختيار المنطقى والطبيعى لان كلنا بشر