Wednesday, March 30, 2011

نص الاعلان الدستورى


الاعلان الدستوري

قام اليوم المجلس الاعلي للقوات المسلحة باصدار نص الاعلان الدستوري
الذي ستسير عليه البلاد خلال الفتره القادمة حتي يقوم المجلس الاعلي بتسليم
البلاد لرئيس الجمهورية القادم , وشمل الاعلان الدستورى علي 63 مادة من بينها
المواد التي تم الاستفتاء عليها في 19 مارس الماضي , وقد قام اليوم الاربعاء اللواء
ممدوح شاهين بعمل مؤتمر صحفي اصدر فيه نص الاعلان الدستوري وفيما
يلي المواد ال 63 للاعلان الدستوري .

--

المجلس الأعلى للقوات المسلحة

بعد الاطلاع على الإعلان الدستورى الصادر فى 13 من فبراير، وعلى نتائج الإستفتاء على تعديل دستور جمهورية مصر العربية الذى جرى يوم 19 من مارس سنة 2011 وأعلنت نتيجة الموافقة علية فى 20 من مارس سنة 2011 .
وعلى البيان الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى 23 من مارس سنة 2011 .
قــــــــرر

( مــــــادة 1 )

جمهورية مصر العربية دولة نظامها ديمقراطى يقوم على أساس المواطنة .
والشعب المصرى جزء من الأمة العربية يعمل على تحقيق وحدتها الشاملة .

( مـــــــادة 2 )

الإسلام دين الدولة ، واللغة العربية لغتها الرسمية ، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع .

( مــــــادة 3 )

السيادة للشعب وحده، وهو مصدر السلطات، ويمارس الشعب هذه السيادة ويحميها، ويصون الوحدة الوطنية .

( مــــــادة 4 )

للمواطنين حق تكوين الجمعيات وإنشاء النقابات والاتحادات والأحزاب وذلك على الوجه المبين في القانون.
ويحظر إنشاء جمعيات يكون نشاطها معاديا لنظام المجتمع أو سريا أو ذا طابع عسكرى .
ولا يجوز مباشرة أى نشاط سياسى أو قيام أحزاب سياسية على أساس دينى أو بناء على التفرقة بسبب الجنس أو الأصل .

( مـــــــادة 5 )

يقوم الاقتصاد فى جمهورية مصر العربية على تنمية النشاط الاقتصادى والعدالة الاجتماعية وكفالة الأشكال المختلفة للملكية والحفاظ على حقوق العمال .

( مـــــــادة 6 )

للملكية العامة حرمة , وحمايتها ودعمها واجب على كل مواطن وفقا للقانون .
والملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز فرض الحراسة عليها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون وبحكم قضائى، ولا تنزع الملكية إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض وفقا للقانون. وحق الإرث فيها مكفول .

( مــــــادة 7 )

المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة .

( مـــــــادة 8 )

الحرية الشخصية حق طبيعى وهى مصونة لا تمس، وفيما عدا حالة التلبس لا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه أو حبسه أو تقييد حريته بأى قيد أو منعه من التنقل إلا بأمر تستلزمه ضرورة التحقيق وصيانة أمن المجتمع، ويصدر هذا الأمر من القاضى المختص أو النيابة العامة، وذلك وفقا لأحكام القانون .
ويحدد القانون مدة الحبس الاحتياطى .

( مــــــادة 9 )

كل مواطن يقبض عليه أو يحبس أو تقيد حريته بأى قيد تجب معاملته بما يحفظ عليه كرامة الإنسان، ولا يجوز إيذاؤه بدنيا أو معنويا، كما لا يجوز حجزه أو حبسه فى غير الأماكن الخاضعة للقوانين الصادرة بتنظيم السجون .
وكل قول يثبت أنه صدر من مواطن تحت وطأة شئ مما تقدم أو التهديد بشئ منه يهدر ولا يعول عليه.

( مـــــــادة 10 )

للمساكن حرمة فلا يجوز دخولها ولا تفتيشها إلا بأمر قضائى مسبب وفقا لأحكام القانون .

( مــــــادة 11 )

لحياة المواطنين الخاصة حرمة يحميها القانون .
وللمراسلات البريدية والبرقية والمحادثات التليفونية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة, وسريتها مكفولة , ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة ووفقا لأحكام القانون.

( مــــــادة 12 )

تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية .
وحرية الرأي مكفولة، ولكل إنسان التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو التصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير فى حدود القانون، والنقد الذاتى والنقد البناء ضمان لسلامة البناء الوطنى .

( مـــــادة 13 )

حرية الصحافة والطباعة والنشر ووسائل الإعلام مكفولة, والرقابة على الصحف محظورة, وإنذارها أو وقفها أو إلغاؤها بالطريق الإدارى محظور , ويجوز استثناء فى حالة إعلان الطوارئ أو زمن الحرب أن يفرض علي الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام رقابة محددة فى الأمور التى تتصل بالسلامة العامة أو أغراض الأمن القومى , وذلك كله وفقا للقانون.

( مـــــــادة 14 )

لا يجوز أن تحظر على أى مواطن الإقامة في جهة معينة ولا أن يلزم بالإقامة فى مكان معين إلا فى الأحوال المبينة فى القانون .

( مـــــــادة 15 )

لا يجوز إبعاد أى مواطن عن البلاد أو منعه من العودة إليها ، وتسليم اللاجئين السياسيين محظور.

( مـــــــادة 16 )


للمواطنين حق الاجتماع الخاص فى هدوء غير حاملين سلاحا ودون حاجة إلى إخطار سابق. ولا يجوز لرجال الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة، والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة فى حدود القانون .

( مـــــادة 17)

كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وتكفل الدولة تعويضا عادلا لمن وقع عليه الاعتداء .

( مــــــادة 18 )

إنشاء الضرائب العامة وتعديلها أو إلغاؤها لا يكون إلا بقانون . ولا يعفى أحد من أدائها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، ولا يجوز تكليف أحد أداء غير ذلك من الضرائب أو الرسوم إلا فى حدود القانون.

( مـــــادة 19 )

العقوبة شخصيــــــة .
ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون .

( مــــــادة 20 )

المتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونيه تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه، وكل متهم فى جناية يجب أن يكون له محام يدافع عنه .

( مــــــادة 21 )

التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة، ولكل مواطن حق الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى، وتكفل الدولة تقريب جهات القضاء من المتقاضين وسرعة الفصل فى القضايا .
ويحظر النص فى القوانين على تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء .

( مـــــادة 22 )

حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول .
ويكفل القانون لغير القادرين مالياً وسائل الالتجاء إلى القضاء والدفاع عن حقوقهم .

( مـــــادة 23 )

يبلغ كل من يقبض عليه أو يعتقل بأسباب القبض عليه أو اعتقاله فورا، ويكون لـه حق الاتصال بمن يرى إبلاغه بما وقع أو الاستعانة به على الوجه الذي ينظمه القانون، ويجب إعلانه علي وجه السرعة بالتهم الموجهة إليه، ولـه ولغيره التظلم أمام القضاء من الإجراء الذى قيد حريته الشخصية، وينظم القانون حق التظلم بما يكفل الفصل فيه خلال مدة محددة، وإلا وجب الإفراج حتما.

( مــــــادة 24 )

تصدر الأحكام وتنفذ باسم الشعب , ويكون الامتناع عن تنفيذها أو تعطيل تنفيذها من جانب الموظفين العموميين المختصين جريمة يعاقب عليها القانون. وللمحكوم لـه فى هذه الحالة حق رفع الدعوى الجنائية مباشرة إلى المحكمة المختصة .

(مـــــادة 25 )

رئيس الدولة هو رئيس الجمهورية، ويسهر على تأكيد سيادة الشعب وعلى احترام الدستور وسيادة القانون وحماية الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية وذلك على الوجه المبين بهذا الإعلان والقانون .
ويباشر فور توليه مهام منصبه الاختصاصات المنصوص عليها بالمادة ( 56) من هذا الإعلان عدا المبين فى البندين 1 و 2 منها .

(مـــــادة 26 )

يشترط فيمن يُنتخب رئيساً للجمهورية أن يكون مصرياً من أبوين مصريين، وأن يكون متمتعاً بحقوقه المدنية والسياسية ، وألا يكون قد حمل أو أى من والديه جنسية دولة أخرى، وألا يكون متزوجاً من غير مصرى، وألا تقل سنه عن أربعين سنة ميلاديـة .

(مــــــادة 27 )

ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السرى العام المباشر .
ويلزم لقبول الترشيح لرئاسة الجمهورية أن يؤيد المتقدم للترشح ثلاثون عضواً على الأقل من الأعضاء المنتخبين لمجلسى الشعب أو الشورى، أو أن يحصل المرشح على تأييد ما لا يقل عن ثلاثين ألف مواطـن ممن لهم حق الانتخاب في خمس عشرة محافظة على الأقل، بحيث لا يقل عدد المؤيدين فى أى من تلك المحافظات عن ألف مؤيـد .
وفى جميع الأحوال لا يجوز أن يكون التأييد لأكثر من مرشح، وينظم القانون الإجراءات الخاصة بذلك كله .
ولكل حزب من الأحزاب السياسية التي حصل أعضاؤها على مقعد على الأقل بطريق الانتخاب فى أى من مجلسى الشعب والشورى فى أخر انتخابات أن يرشح أحد أعضائه لرئاسة الجمهورية .

(مـــادة 28 )

تتولى لجنة قضائية عليا تسمى " لجنة الانتخابات الرئاسية " الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية بدءاً من الإعلان عن فتح باب الترشيح وحتى إعلان نتيجة الانتخاب .
وتـُشكل اللجنة من رئيس المحكمة الدستورية العليا رئيساً ، وعضوية كل من رئيس محكمة إستئناف القاهرة ، وأقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا ، وأقدم نواب رئيس محكمة النقض ، وأقدم نواب رئيس مجلس الدولـة .
وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها ، غير قابلة للطعن عليها بأى طريق وأمام أية جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء ، كما تفصل اللجنة فى اختصاصها ، و يحدد القانون الاختصاصات الأخرى للجنـة .
وتـُشكل لجنة الانتخابات الرئاسية اللجان التى تتولى الإشراف على الاقتراع والفرز على النحو المبين فى المادة 39 .
ويُعرض مشروع القانون المنظم للانتخابات الرئاسية على المحكمة الدستورية العليا قبل إصداره لتقرير مدى مطابقته للدستـور .
وتـُصـدر المحكمة الدستورية العليا قرارها فى هذا الشأن خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ عرض الأمر عليها، فإذا قررت المحكمة عدم دستورية نص أو أكثر وجب إعمال مقتضى قرارها عند إصدار القانون، وفى جميع الأحوال يكون قرار المحكمة ملزماً للكافة ولجميع سلطات الدولة، ويُنشـر فى الجريدة الرسمية خلال ثلاثة أيام من تاريخ صدوره .

(مـــــادة 29 )

مدة الرئاسة أربع سنوات ميلادية تبدأ من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب، ولا يجوز إعادة انتخاب رئيس الجمهورية إلا لمدة واحدة تاليـة .

(مـــــادة 30 )

يؤدى الرئيس أمام مجلس الشعب قبل أن يباشر مهام منصبه اليمين الآتية :
" أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهورى ، وأن أحترم الدستور والقانون ، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة ، وأن أحافظ على استقلال الوطن وسلامة أراضيه " .

(مــــــــــادة 31 )

يعين رئيس الجمهورية، خلال ستين يوماً على الأكثر من مباشرته مهام منصبه ، نائباً لـه أو أكثر ويحدد اختصاصاته ، فإذا اقتضت الحال إعفاءه من منصبه وجب أن يعين غيره .
وتسرى الشروط الواجب توافرها فى رئيس الجمهورية والقواعد المنظمة لمساءلته على نواب رئيس الجمهورية .

( مـــــادة 32 )

يُشكل مجلس الشعب من عدد من الأعضاء يحدده القانون على ألا يقل عن ثلاثمائة وخمسين عضوا، نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين ، ويكون إنتخابهم عن طريق الانتخاب المباشر السرى العام .
ويبين القانون تعريف العامل والفلاح، ويحدد الدوائر الانتخابية التى تقسم إليها الدولة .
ويجوز لرئيس الجمهورية أن يعين فى مجلس الشعب عدداً من الأعضاء لا يزيد على عشرة .

( مـــــادة 33 )

يتولى مجلس الشعب فور انتخابه سلطة التشريع، ويقرر السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، كما يمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية .

( مـــــادة 34 )

مدة مجلس الشعب خمس سنوات ميلادية من تاريخ أول اجتماع له .

(مــــادة 35 )

يشكل مجلس الشورى من عدد من الأعضاء يحدده القانون على ألا يقل عن مائة واثنين وثلاثين عضواً ، وينتخب ثلثا أعضاء المجلس بالاقتراع المباشر السرى العام على أن يكون نصفهم على الأقل من العمال والفلاحين، ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقى .
ويحدد القانون الدوائر الانتخابية الخاصة بمجلس الشورى .

(مـــــادة 36 )

مدة عضوية مجلس الشورى ست سنوات .

(مـــــادة 37 )

يتولى مجلس الشورى فور إنتخابه دراسة وإقتراح ما يراه كفيلا بالحفاظ على دعم الوحدة الوطنية والسلام الإجتماعى وحماية المقومات الأساسية للمجتمع وقيمه العليا والحقوق والحريات والواجبات العامة ويجب اخذ رأى المجلس فيما يلى :
1ـ مشروع الخطة العامة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
2 ـ مشروعات القوانين التي يحيلها إليه رئيس الجمهورية. 3ـ ما يحيله رئيس الجمهورية إلى المجلس من موضوعات تتصل بالسياسة العامة للدولة أو بسياستها فى الشئون العربية أو الخارجية.

ويبلغ المجلس رأيه فى هذه الأمور إلى رئيس الجمهورية ومجلس الشعب .

(مـــــادة 38 )

ينظم القانون حق الترشيح لمجلسى الشعب والشورى وفقا لأى نظام انتخابى يحدده . ويجوز أن يتضمن حدا أدنى لمشاركة المرأة فى المجلسين .

(مــــادة 39 )

يحدد القانون الشروط الواجب توافرها فى أعضاء مجلسى الشعب والشورى ، ويبين أحكام الانتخاب والاستفتاء .
وتتولى لجنة عليا ذات تشكيل قضائى كامل الإشراف على الانتخاب والاستفتاء ، بدءاً من القيد بجداول الانتخاب وحتى إعلان النتيجة ، وذلك كله على النحو الذى ينظمه القانون .ويجرى الاقتراع والفرز تحت إشراف أعضاء من هيئات قضائية ترشحهم مجالسها العليا ، ويصدر باختيارهم قرار من اللجنة العليا.

(مـــــادة 40 )

تختص محكمة النقض بالفصل فى صحة عضوية أعضاء مجلسى الشعب والشورى .
وتقدم الطعون إلى المحكمة خلال مدة لا تجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان نتيجة الانتخاب ، وتفصل المحكمة فى الطعن خلال تسعين يوماً من تاريخ وروده إليها .
وتعتبر العضوية باطلة من تاريخ إبلاغ المجلسين بقرار المحكمـة .

(مــــادة 41 )

تبدأ إجراءات انتخاب مجلسى الشعب والشورى خلال ستة أشهر من تاريخ العمل بهذا الإعلان.
ويمارس مجلس الشورى اختصاصاته بأعضائه المنتخبين .
ويتولى رئيس الجمهورية، فور انتخابه، استكمال تشكيل المجلس بتعيين ثلث أعضائه ، ويكون تعيين هؤلاء لاستكمال المدة الباقيـة للمجلس على النحو المبين بالقانون .

(مـــــادة 42 )

يقسم كل عضو من أعضاء مجلسى الشعب والشورى أمام مجلسه قبل أن يباشر عمله اليمين الآتية:
" أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على سلامة الوطن والنظام الجمهورى ، وأن أرعى مصالح الشعب ، وأن أحترم الدستور والقانون " .

(مـــــادة 43 )

لا يجوز لكل عضو من أعضاء مجلسى الشعب والشورى أثناء مدة عضويته أن يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة، أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله أو أن يقايضها عليه، أو أن يبرم مع الدولة عقدا بوصفه ملتزما أو موردا أو مقاولاُ.

( مــــادة 44 )

لا يجوز إسقاط عضوية أحد أعضاء مجلسى الشعب والشورى إلا إذا فقد الثقة والاعتبار، أو فقد أحد شروط العضوية أو صفة العامل أو الفلاح التي انتخب علي أساسها، أو أخل بواجبات عضويته، ويجب أن يصدر قرار إسقاط العضوية من المجلس بأغلبية ثلثى أعضائه .

(مــــادة 45 )

لا يجوز فى غير حالة التلبس بالجريمة اتخاذ أية إجراءات جنائية ضد أحد أعضاء مجلسى الشعب والشورى إلا بإذن سابق من مجلسه .
وفى غير دور انعقاد المجلس يتعين أخذ إذن رئيس المجلس .
ويخطر المجلس عند أول انعقاد له بما اتخذ من إجراء .

( مـــــادة 46 )

السلطة القضائية مستقلة، وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وتصدر أحكامها وفق القانون .

( مـــــادة 47 )

القضاة مستقلون، وغير قابلين للعزل وينظم القانون مساءلتهم تأديبياً، ولا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون، ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا أو فى شئون العدالة .

( مــــادة 48 )

مجلس الدولة هيئة قضائية مستقلة، ويختص بالفصل فى المنازعات الإدارية وفى الدعاوى التأديبية ، ويحدد القانون اختصاصاته الأخرى .

( مـــــادة 49 )

المحكمة الدستورية العليا هيئة قضائية مستقلة قائمة بذاتها، وتختص دون غيرها بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح، وتتولى تفسير النصوص التشريعية، وذلك كله على الوجه المبين فى القانون .
ويعين القانون الاختصاصات الأخرى للمحكمة وينظم الإجراءات التى تتبع أمامها.

( مـــــادة 50 )

يحدد القانون الهيئات القضائية واختصاصاتها، وينظم طريقة تشكيلها ، ويبين شروط وإجراءات تعيين أعضائها ونقلهم .

( مـــــادة 51 )

ينظم القانون القضاء العسكرى ويبين اختصاصاته فى حدود المبادئ الدستورية .

( مـــــادة 52 )

جلسات المحاكم علنية إلا إذا قررت المحكمة جعلها سرية مراعاة للنظام العام أو الآداب، وفى جميع الأحوال يكون النطق بالحكم فى جلسة علنية .

( مـــــادة 53 )

القوات المسلحة ملك للشعب, مهمتها حماية البلاد وسلامة أراضيها وأمنها، ولا يجوز لأية هيئة أو جماعه إنشاء تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية، والدفاع عن الوطن وأرضه واجب مقدس، والتجنيد إجبارى وفقاً للقانون .
ويبين القانون شروط الخدمة والترقية فى القوات المسلحة .

( مـــــادة 54 )

ينشأ مجلس يسمى " مجلس الدفاع الوطنى " ويتولى رئيس الجمهورية رئاسته، ويختص بالنظر فى الشئون الخاصة بوسائل تأمين البلاد وسلامتها، ويبين القانون إختصاصاته الأخرى .

( مـــــادة 55 )

الشرطة هيئة مدنية نظامية، تؤدى واجبها فى خدمة الشعب ، وتكفل للمواطنين الطمأنينة والأمن ، وتسهر على حفظ النظام والأمن العام والآداب وفقاً للقانون .

( مـــــادة 56 )

يتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة إدارة شئون البلاد، ولـه فى سبيل ذلك مباشرة السلطات الآتية :

1 - التشريع .
2ـ إقرار السياسة العامة للدولة والموازنة العامة ومراقبة تنفيذها .
3ـ تعيين الأعضاء المعينين فى مجلس الشعب .
4ـ دعوة مجلسى الشعب والشورى لانعقاد دورته العادية وفضها والدعوة لإجتماع غير عادى وفضه .
5ـ حق إصدار القوانين أو الاعتراض عليها .
6ـ تمثيل الدولة فى الداخل والخارج، وإبرام المعاهدات والاتفاقيات الدولية ، وتعتبر جزءاً من النظام القانونى فى الدولة .
7ـ تعيين رئيس مجلس الوزراء ونوابه والوزراء ونوابهم وإعفاؤهم من مناصبهم .
8ـ تعيين الموظفين المدنيين والعسكريين والممثلين السياسيين وعزلهم على الوجه المبين فى القانون، واعتماد ممثلى الدول الأجنبية السياسيين .
9ـ العفو عن العقوبة أو تخفيفها أما العفو الشامل فلا يكون إلا بقانون .
10ـ السلطات والاختصاصات الأخرى المقررة لرئيس الجمهورية بمقتضى القوانين واللوائح .
وللمجلس أن يفوض رئيسه أو أحد أعضائه فى أى من اختصاصاته .

( مـــــادة 57 )

يتولى مجلس الوزراء والوزراء السلطة التنفيذية كل فيما يخصه، وللمجلس على الأخص مباشرة الاختصاصات الآتية :
1ـ الاشتراك مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى وضع السياسة العامة للدولة، والإشراف على تنفيذها وفقا للقوانين والقرارات الجمهورية.
2ـ توجيه وتنسيق ومتابعة أعمال الوزارات والجهات التابعة لها والهيئات والمؤسسات العامة.
3ـ إصدار القرارات الإدارية والتنفيذية وفقا للقوانين واللوائح والقرارات ومراقبة تنفيذها.
4ـ إعداد مشروعات القوانين واللوائح والقرارات .
5ـ إعداد مشروع الموازنة العامة للدولة.
6ـ إعداد مشروع الخطة العامة للدولة.
7ـ عقد القروض ومنحها وفقا للمبادئ الدستورية.
8ـ ملاحظة تنفيذ القوانين والمحافظة على أمن الدولة وحماية حقوق المواطنين ومصالح الدولة.

( مـــــادة 58 )

لا يجوز للوزير أثناء تولى منصبه أن يزاول مهنة حرة أو عملا تجاريا أو ماليا أو صناعياً، أو أن يشترى أو يستأجر شيئا من أموال الدولة، أو أن يؤجرها أو يبيعها شيئا من أمواله، أو أن يقايضها عليه .

(مـــــادة 59 )

يعلن رئيس الجمهورية، بعد أخذ رأى مجلس الوزراء، حالة الطوارئ على الوجه المبين فى القانون ويجب عرض هذا الإعلان على مجلس الشعب خلال السبعة أيام التالية ليقرر ما يراه بشأنه .
فإذا تم الإعلان فى غير دور الانعقاد وجبت دعوة المجلس للانعقاد فوراً للعرض عليه وذلك بمراعاة الميعاد المنصوص عليه فى الفقرة السابقة .
وإذا كان مجلس الشعب منحلاً يعرض الأمر على المجلس الجديد فى أول اجتماع له .
ويجب موافقة أغلبية أعضاء مجلس الشعب على إعلان حالة الطوارئ .
وفى جميع الأحوال يكون إعلان حالة الطوارئ لمدة محددة لا تجاوز ستة أشهر ولا يجوز مدها إلا بعد استفتاء الشعب وموافقته على ذلك .

(مـــــادة 60 )

يجتمع الأعضاء غير المعينين لأول مجلسى شعب وشورى فى اجتماع مشترك ، بدعوة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، خلال ستة أشهر من انتخابهم ، لإنتخاب جمعية تأسيسية من مائة عضو ، تتولى إعداد مشروع دستور جديد للبلاد فى موعد غايته ستة أشهر من تاريخ تشكيلها، ويُعرض المشروع ، خلال خمسة عشر يوماً من إعداده ، على الشعب لاستفتائه فى شأنه ، ويعمل بالدستور من تاريخ إعلان موافقة الشعب عليه فى الاستفتاء .

(مــــادة 61 )

يستمر المجلس الأعلى للقوات المسلحة فى مباشرة الاختصاصات المحددة فى هذا الإعلان وذلك لحين تولى كل من مجلسى الشعب والشورى لاختصاصاتهما , وحتى انتخاب رئيس الجمهورية ومباشرته مهام منصبه كلُ فى حينه.

(مـــــادة 62 )

كل ما قررته القوانين واللوائح من أحكام قبل صدور هذا الإعلان الدستورى يبقى صحيحا ونافذا ، ومع ذلك يجوز إلغاؤها أو تعديلها وفقا للقواعد والإجراءات المقررة فى هذا الإعلان .

(مـــــادة 63 )

ينشر هذا الإعلان فى الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره .

Monday, March 28, 2011

مقابلة جلبير الأشقر مع موقع الحوار المتمدن: حول نحو بناء حركة يسارية جديدة في سياق الانتفاضات الجماهيرية


الثلاثاء 22 آذار (مارس) 2011

جلبير الأشقر



أجرت الحوار: منال نصر الله

من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة, وبين قراء وقارئات موقع الحوار المتمدن على الانترنت من جهة أخرى, ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء, تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.

حوارنا – 39 - سيكون مع الأستاذ د.جلبير الأشقر حول: نحو بناء حركة يسارية جديدة في سياق الانتفاضات الجماهيرية.



1- ما هي مستلزمات دفع الحركة اليسارية في ضوء احتجاجات وانتفاضات وثورات الجماهير في المنطقة صوب الخلاص من الدكتاتوريات والنظم غير الديمقراطية وبناء مجتمعاتها المدنية وتحقيق العدالة الاجتماعية؟ وكيف تقيم تأثيرات ذلك الحراك الجماهيري الواسع على الحركة اليسارية والعمالية عربيا وعالميا؟

دعني أولاً اشكركم على اهتمامكم وعلى المساهمة القيّمة لموقعكم في مهمة ارساء الأسس لنهوض يساري جديد في المنطقة، وهي مهمة لا بدّ من "حوار متمدّن" في صفوف اليسار في سبيل إنجاحها. وإعذرني ثانياً لأنني هنا، في صدد الردّ على سؤالك وهو يتعلّق بآفاق بناء الحركة اليسارية، سوف اقتبس من المقابلة حول "اليسار العربي" التي أجراها معي وائل عبد الرحيم في خريف سنة 2009 ونشرتها مجلة "الآداب" في عددها الصادر في نيسان/أبريل 2010، أي قبل سنة، وهي متوفرة على موقع المجلة وكذلك على موقعكم. فقد قلت آنذاك:

"إن المسألة الرئيسيّة إزاء البناء المستقبلي لليسار العربيّ هي طبعًا مواقفُه وممارستُه في ساحته. والظاهرة الأساسيّة التي رافقتْ أفولَ اليسار منذ أواخر السبعينيّات هي احتلالُ التيّارات السلفيّة الدينيّة ساحتَي الكفاح الوطنيّ والمعارضة الشعبيّة للأنظمة. هذه هي المعضلة الرئيسيّة التي تواجه اليسارَ العربيّ. فالمشروع اليساريّ في المنطقة العربيّة يصطدم بهذا الجدار على أرض النضال الشعبيّ قبل أن يصطدمَ بالأنظمة. لذلك أقول إنّ على اليسار أولاً، إذا أراد أن يتمكّنَ من بناء ذاته، أن يكون يسارًا كاملَ الهوية. فأيُّ يسارٍ ينتقص من هويّته ويسْتر بعضَ قيَمه بغية التعاون أو التحالف مع قوًى أخرى، دينيّةٍ أو غير دينيّة، فإنّ هذه القوى ستبتلعه. وعلى اليسار أن يكون وفيّاً لكافة القيَم التحرريّة بحيث يؤكّد تمايزَه عن الأطراف المنافسة له في كسب العطف الجماهيريّ. غير أنّ ذلك لا يتنافى مع عقد العلاقة مع الأطراف الأخرى، وإنْ كانت دينيّة، في النضال ضدّ الصهيونيّة والإمبرياليّة، أو في مواجهة قمع الأنظمة، للأسباب التي سبق أن شرحتُها، ومع الالتزام بشروط التحالف كما وصفتُها.

.* ما حظوظ هذه المهمّة من النجاح؟

ـ المهمّة صعبة بالتأكيد، وقد كنتُ شديدَ التشاؤم طوال ربع القرن الأخير، بعد أن توصّلتُ إلى إدراك انسداد الأفق أمام اليسار العربيّ منذ أوائل الثمانينيّات. فقد أدركتُ أنّ صعودَ التيّار السلفيّ ناتجٌ من الإخفاق التاريخيّ لليسار القديم، ومن عجز اليسار الجديد عن فرض نفسه بعد العام 1967، علمًا أنّ هناك عواملَ أخرى انضافت إلى ذلك، ومنها استعمالُ الأنظمة للتيّارات الدينيّة في ضرب اليسار الجديد. وقد ترك إخفاقُ اليسار الجديد مجالاً مفتوحًا أمام التيّار الدينيّ بوصفه الحركة الوحيدة التي لم تُجرَّبْ حتى ذلك الوقت: فقد أظهرت القوى الليبراليّة العربيّة تقاعسَها في وجه الإمبرياليّة والصهيونيّة منذ الأربعينيّات، وجُرّب القوميون من بعدها وفقدوا الصدقيّة، وتأكّد العجزُ التاريخيّ لليسار الشيوعيّ التابع للاتحاد السوفياتيّ، وأخفق اليسارُ الجديدُ الذي ظهر بعد العام 1967. وكان تقييمي منذ أول الثمانينيّات أنّ الموجة السلفيّة ليست بموجةٍ آنيّةٍ ستزول بعد ثلاث سنواتٍ أو أربع، بل ستبقى مهيمنة حتى حصول أحد أمرين: ظهور بديلٍ لها ذي مصداقيّة، أو إخفاقها من خلال أزماتها الداخليّة. والحال أنه لم يحصلْ أيٌّ من الأمرين منذ الثمانينيّات. أما اليوم فأرى بوادرَ تحقيق الشرطين بالتزامن: أولاً، ظهرتْ بوادرُ تأزّم التيّار الدينيّ في تجربة غزّة والإمارة الحماسيّة وتناقضاتها الداخليّة. والأهمّ منها، طبعًا، الأزمةُ في إيران، وهي لاتزال في بداياتها، ولا ندري كيف ستتطوّر، لكنّ تعمّقها ليس بالمستبعَد. ومثلما أدّت الثورةُ الإيرانيّة سنة 1979 إلى إعطاء قوة دفعٍ هائلةٍ للتيّارات السلفيّة الإسلاميّة على اختلاف أشكالها، فإنّ تأزّم التجربة الإيرانيّة (إذا تأكّد) سيسهم في تأزيم المشروع السلفيّ برمّته وإفقاده الصدقيّة. ثانيًا، نشهد بدايةً جديدةً لصعود قوةٍ بديلةٍ في الساحة الجماهيريّة، تتجلّى في تصاعد الصراع الطبقيّ والنضالات العمّاليّة في عددٍ من البلدان العربيّة من المغرب الأقصى إلى الأردن والعراق، مع وجود مصر في الصدارة حيث تتطوّر منذ ثلاث سنوات أعظمُ موجةٍ للنضالات العمّاليّة منذ أكثر من نصف قرن. وقد أدّى هذا التحرّكُ الطبقيّ في مصر، للمرة الأولى منذ العهد الناصريّ، إلى قيام نقابةٍ مستقلّةٍ هي "نقابة موظّفي الضرائب العقاريّة،" وهناك محاولاتٌ لتكرار التجربة في قطاعاتٍ أخرى. أما التيّار الدينيّ فشبهُ غائبٍ عن هذه الساحة، والناشطون فيها يساريون بالمعنى الواسع لليسار الذي يَجْمع الناصريين الجذريين إلى الماركسيين.

*أهذه إشاراتُ تفاؤل؟

ـ إنها بوادرُ لا أكثر، في الوقت الراهن. لكنها كافية لتجعلني أشعر ببعض التفاؤل للمرّة الأولى منذ أكثر من ربع قرن، وإنْ بشكلٍ محدودٍ وحذر. أشعر أننا على عتبة منعطفٍ تاريخيّ، وأمام بداية النهاية للحقبة التاريخيّة التي تلت اندثارَ الحركة القوميّة، وربّما بوادر موجةٍ جديدة. وإذا استمرّت وتعمّقت الظاهرتان اللتان تحدّثتُ عنهما ـ أزمةُ التيّارات الدينيّة وصعودُ الموجة الطبقيّة ـ فعندها يمكن أن تنضج ظروفٌ مؤاتيةٌ لبناء الحركة اليساريّة من جديد. لقد ضاعت الفرصةُ الأولى بعد هزيمة 1967، وعلى اليسار العربيّ أن لا يضيّع الفرصة المقبلة."

كان هذا كلامي في خريف عام 2009. وها نحن نقف أمام موجة عارمة من النضال الجماهيري لم يكن أحد ليتوقّع مثلها بذلك الإتساع وبتلك السرعة في الإمتداد. وقد تميّزت الموجة الثورية بعاملين أساسيين، بالأخص في تجليها الأعظم حتى الآن في تونس ومصر. العامل الأول هو أن المبادرة لم تكن في يد التيار الديني، بل قاد الحراك الجماهيري ائتلاف من القوى الديموقراطية الليبرالية والإصلاحية واليسارية إنضمّ اليه التيار الديني دون أن يستطيع هذا الأخير فرض هيمنته. والعامل الثاني هو امتزاج الإنتفاضة الديموقراطية بموجة نضال طبقي ودخول الطبقة العاملة المعترك بشتى الأشكال، ولعبها دوراً هاماً في حسم معركة إسقاط رموز الدكتاتورية ومن ثمّ تعميق المكاسب الديموقراطية. وها نحن نقف في مصر أمام إنقسام جليّ بين الأخوان المسلمين الذين يتعاونون مع قيادة المؤسسة العسكرية وبقايا النظام في ضبط "إنتقال منظّم" الى حالة من الديموقراطية البرلمانية تحت رقابة عسكرية، بينما تقف القوى الديموقراطية الليبرالية والإصلاحية واليسارية في الصف المواجه محاوِلةً دفع التغيير الديموقراطي الى الأمام والتصدّي لترقيع النظام تحت إشراف عسكري-إخونجي. وهذا الفرز السياسي الهام بالتضافر مع صعود النضال العمالي يوفّران لليساريين فرصة ثمينة جداً لكي يبنوا قوة معارضة ديموقراطية وطنية طبقية تطمح الى الترقّي الى مستوى بديل ذي مصداقية للنظام القائم، بعد عقود من احتكار التيار الديني لهذا الدور. أما الشرط الرئيسي الأكيد لتحقيق ذلك فهو الذي أشرت اليه قبل أكثر من سنة، ألا وهو أن يكون اليسار وفياً حقاً لكامل القيم التقدّمية واليسارية، أي أن يكون أولاً وفياً بشكل كامل وبلا تجزئة للديموقراطية، بما في ذلك نقد كافة الأنظمة الدكتاتورية، حتى تلك التي تقف في مواجهة الإمبريالية الأميركية أو الصهيونية، اذ كفانا سكوت عن الدكتاتورية بحجة الوطنية وبالمقابل سكوت عن التبعية للإمبريالية بحجة الديموقراطية. وبالتالي أن يكون اليسار ثانياً جذرياً في تصدّيه للإمبريالية والصهيونية وفي نضاله من أجل فك التبعية الإقتصادية والعسكرية والسياسية، وقادراً على اعادة رفع راية التوحيد القومي العربي بعد سقوطها في العقود الأخيرة، وأن يكون كذلك مدافعاً بصرامة عن حقوق الأقليات القومية والإثنية الموجودة في المنطقة العربية. وأن يكون ثالثاً وفياً لمعركة تحرر النساء – وأشدّد هنا على تعبير "تحرّر" (بالقوى الذاتية أولاً) بتمايزه عن "تحرير" – وكذلك وفياً للنضال من أجل العلمانية، بمعنى فصل الدين عن الدولة، وهي شرط أساسي لا ديموقراطية حقيقية بدون توفّره. وأن يقف رابعاً في طليعة النضال ضد الإستغلال ومن أجل مصالح الجماهير الكادحة الآنية في تحسين شروط عيشها، ومصالحها المستقبلية في تحقيق المساواة الإجتماعية. إن الوفاء لهذه الأبعاد مجتمعة بلا إنقاص ولا إغفال تحت شتى الحجج "المرحلية" هو الشرط الذي بدونه لا مجال لليسار ليبني نفسه بديلاً عن الأوضاع القائمة.

2- ثمة تيارات مختلفة ادعت وتدعي انتسابها للماركسية، و يعتقد كل تيار أنه يمثل الماركسية الحق دون التيارات الأخرى، إلام َ يعود هذا التنوع في طيف الماركسيين الواسع؟ و هل تؤمنون بوجود معايير موضوعية لتفكيك هذه التيارات وفرزها وتشذيبها وتوحيدها؟ ووفق ذلك كيف ترون أسس الفهم والاستيعاب الصحيحين للماركسية في الألفية الثالثة؟

سؤالك الوجيه يشير الى شرط آخر من شروط استنهاض حركة يسارية جديدة في منطقتنا، ألا وهو تخطي العصبوية والشرذمة اللتين ساهمتا في إضعاف اليسار في هذه البقعة من العالم. وكيف باليسار أن يقنع اذا كان منقسماً الى جماعات تندّد الواحدة بالأخرى وتدّعي كل واحدة منها أنها تمتلك التفسير الصائب الوحيد لماركسية تغدو أشبه بالديانات مع انقسامها الى شيع شتى كل واحدة منها تدّعي احتكار الإيمان الصحيح. والحال ان التنوّع في طيف الماركسيين الواسع، كما تقول، انما هو ظاهرة طبيعية وصحيّة اذ تعاملنا مع الماركسية بصيغة غير دينية، بل سياسية وعلمية. فإن علم الإجتماع الإنساني ليس بعلم مبني على حقائق ثابتة كتلك التي تستند اليها علوم الطبيعة. ولا بدّ من تنوّع وجدال نظريين في صفوف الماركسيين اذا كان للفكر الماركسي أن يحيى وأن يكون منتجاً. فالحقيقة بنت النقاش، كما قال أحد فلاسفة العلوم، وليست بنت التجانس. كما لا بدّ من تنوّع وجدال سياسيين في صفوف الماركسيين اذا أرادوا أن يتوصّلوا الى رسم سياسات ناجحة. واذا كان الماركسيون عاجزين أن يتعايشوا ديموقراطياً في صفوف الحركة الواحدة، دون اللجؤ الى مرادفات القمع كالتجميد والطرد بسبب اختلاف الآراء وحتى الممارسات في حدود الإتفاق العام على المبادئ الأساسية، فكيف بهم أن يقنعوا الآخرين بأنهم ملتزمين بقيم الديموقراطية غير منقوصة؟ ولا بدّ لصيغ التنظيم المعاصرة أن تضع الديموقراطية في المكان الأول، وتحيل المركزية الى المرتبة الثانية وبمفهوم غير قمعي للمركزية، بل بمفهوم طوعي. وهذا درس جسّدته الحركات الشبابية التي تطورت عبر العالم في السنين الأخيرة.

3- هل ثمة من أرضية الآن لبناء خيمة تفاهم وعمل مشتركين بين الماركسيين و اللبراليين و إسلاميين معتدلين و قوميين علمانيين، لمرحلة معينة في سبيل إحياء حركة التحديث وبناء الدول المدنية على أنقاض الأنظمة الشمولية والدكتاتورية في العالم العربي؟

ان اتساع مثل هذه الأرضية يرتهن بالزمان والمكان الذي نتكلّم عنهما. ففي المثل المصري الراهن الذي أشرت اليه رأينا كيف انتقلنا من تحالف معارض واسع ضمّ الأخوان (اذا أردت تصنيفهم بين الإسلاميين المعتدلين، وهذا خاضع للنقاش بالطبع) وحزب الوسط الأكثر إعتدالاً الى خروج الطرفين من التحالف وتعاونهما مع المؤسسة العسكرية، في حين لا يزال التحالف قائماً بين اليساريين على اختلاف أنواعهم والديموقراطيين الليبراليين والإصلاحيين في النضال من أجل استكمال سيرورة الثورة الديموقراطية غير المنتهية والتي تسعى القيادة العسكرية الى لجمها. أما أبعد من ذلك، فأرى أن المهمة الأساسية في المنطقة هي بناء أحزاب عمّالية وكادحة عريضة وبالمعنى الواسع لليسار، أي أحزاب تضمّ اليسار الماركسي واليسار القومي وحتى اليسار الديني اذا توفّر، على أن تستند تلك الأحزاب الى أرضية ديموقراطية ووطنية وإجتماعية-طبقية يسارية مشتركة.

4- كان للشباب والانترنت الدور الكبير في الحراك الجماهيري الكبير في العالم العربي، إلا يتطلب ذلك إعادة النظر في الكثير من مفاهيم واليات عمل الأحزاب والقوى الماركسية و اليسارية نحو التحديث بالاستناد إلى التطور المعرفي والتقني؟

بالتأكيد، وهذا ما قصدته في تلميحي في نهاية ردّي على السؤال قبل السابق الى الدرس الذي جسّدته الحركات الشبابية التي تطورت عبر العالم في السنين الأخيرة. وأقصد بذلك الديموقراطية الأفقية والتنظيم الذي يعتمد على شبكات التبادل والحوار والتنسيق والتنظيم. فيمكن أن نقول عن الشكل التنظيمي ما يقوله المنهج الماركسي عن البنية الفوقية بما فيها شكل الدولة. فهذه البنية يعتمد شكلها في التحليل الأخير على طبيعة القوى المنتجة المتمحورة حول التكنولوجيا السائدة. وكذلك فلا بدّ للشكل التنظيمي أن يتكيّف مع التكنولوجيا المتاحة في الإتصال وتبادل المعلومات. فلا يجوز الإبقاء في عصر الإنترنت على أشكال تنظيمية يعود أصلها الى عهد المطبعة السرّية.

الحوار المتمدن - العدد: 3311 - 2011 / 3 / 20

Sunday, March 27, 2011

My Bookmarx (weekly)

Posted from Diigo. The rest of my favorite links are here.

Thursday, March 24, 2011

نـــــــــصـــــــوص


ارتعبتم لأنّـنا نريد إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الانتاج . و لكن الملكية الخاصة, في مجتمعكم الراهن مُلغاة بالنسبة إلى تسعة أعشار أعضائه. إنّها ضبطا موجودة... لأنها غير موجودة بالنسبة إلى الأعشار التسعة. طأنكم تلوموننا لأننا نريد القضاء على ملكية تَفرض, وتتطلب كشرط ضروري لوجودها, حرمان أغلبية المجتمع الساحقة من كل ملكية .
و بكلمة, فإنكم تتهموننا بأننا نريد إلغاء ملكيتكم انتم , وهذا ما نريدة بكل تأكيد

العملية الثورية لم تنته بعد، حوار مع جلبير الأشقر


لفترة طويلة من الزمن، كان العالم يرى الشرق الأوسط كمنطقة من الصعب أن تشهد ثورات جماهيرية تدفع عملية التغيير للأمام. والفكرة السائدة تتلخص في أن الجماهير العربية تتسم بالضعف السياسي واللامبالاة وعدم الاستعداد لممارسة الديمقراطية. كيف ترى هذه السمات في ضوء قراءة وفهم المنطقة وسكانها؟

أعتقد أن الأمور أصبحت واضحة الآن؛ فالأحداث الجارية تقضي على تلك الأطروحات التي لا أساس لها من الصحة، والتي تدعي أن الديمقراطية ليست جزءاً من الموروثات أو القيم الثقافية لدى العرب أو المسلمين. وفي أغلب الأحيان تبدو تلك الأطروحات في قمة العنصرية، ويتم التعبير عنها والترويج لها من قبل كثير من حكام الغرب كذرائع لبقاء الأنظمة الاستبدادية في المنطقة العربية والتي تربطهم بهم صلات وثيقة.

وعلى الرغم من ذلك، لم تمثل موجة الانتفاضات في المنطقة العربية مفاجأة كبيرة لمن لا يتبنون وجهة النظر السابقة. والجماهير، في العالم كله، مستعدة لدفع الثمن وتقديم التضحيات في المعركة من أجل الديمقراطية، وذلك عندما تصل الظروف إلى درجة يدركون فيها أن الوقت قد حان للتحرك والنضال.

من أهم السمات التي اتسمت بها انتفاضات المنطقة العربية، وبالأخص في تونس ومصر، أنها كانت جماهيرية حيث شاركت فيها قطاعات مختلفة في تلك المجتمعات، كما أنها كانت ذات طابع علماني بحيث لم تسيطر عليها تيارات دينية. هل نشهد اليوم شكل جديد من القومية العربية؟ وإذا كان ذلك صحيحاً، ما الفارق بينه وبين التجسيد السابق للقومية العربية في عهد عبد الناصر؟

لا أظن أن الموجة الراهنة من الانتفاضات في العالم العربي تشبه بأي قدر القومية العربية التي كانت منتعشة في الخمسينات والستينات من القرن الماضي. وبالتأكيد، إلا أن الإحساس القومي يُعاد إنتاجه بشكل كبير في هذه الفترة بفعل الموجة الضخمة من الانتفاضات؛ فقبل كل شيء فإن هذه الموجة الثورية تجتاح المنطقة بأسرها، وبدورها فإن الإحساس بالانتماء لهذه المنطقة ثقافياً وجيوسياسيا، يزداد قوةً. لكن بأي حال، لا يمكننا مقارنة ذلك بالتطلعات التي كانت سائدة منذ حوالي نصف قرن حول توحيد الجماهير العربية في دولة واحدة بقيادة عبد الناصر.

هناك عامل آخر يتدخل في هذه المعادلة، وهو أن الحركة اليوم تأتي من أسفل وليس من أعلى. وهذا يعني أن أي طموح لوحدة عربية يقتضي تغيير الأنظمة الاستبدادية بأخرى ديمقراطية تخوض سوياً عملية ديمقراطية قد تفضي في النهاية، لكن بشكل تدريجي، إلى كيان فيدرالي أو كونفيدرالي موحد.

ولا شك أن ذلك المنظور لا يعدو سوى أن يكون طموح مستقبلي. لكن في الوقت الراهن، ما تطمح إليه الجماهير هو التغيير الديمقراطي، وما نراه اليوم ليس سوى البداية، ولازال أمام الجماهير الكثير لإنجازه.

لا يزال هناك الكثير من الاحتمالات لما يمكن أن تؤدي إليه الثورة المصرية فيما يتعلق بالعلاقات الديبلوماسية المتبادلة مع اسرائيل. ماذا تعني تلك الاحتمالات بالنسبة للفلسطينيين بشكل خاص؟

عندما نتحدث عن الفلسطينيين، يجب أن نحدد بدقة عن أي فلسطينيين نتحدث: هل نتحدث عن السلطة الفلسطينية تحت قيادة محمود عباس؟ أم عن حماس؟ أم أننا نتحدث عن أهالي فلسطين بشكل عام؟ الأمر مختلف بالتأكيد.

بالنسبة للقضية الفلسطينية ولأهل فلسطين، مثلهم مثل أي من الجماهير العربية، فإن ما يحدث اليوم –في حال استمراره وتعميقه- هو أفضل شيء يمكن أن يحدث. وانطلاق الحركة الجماهيرية من أسفل في مصر يجعل الظروف أفضل بالنسبة لأهالي فلسطين.

فالضربات التي توجهها الجماهير في مصر للنظام –الذي يتآمر مع اسرائيل لقمع الفلسطينيين وبالأخص في غزة- تضعفه كثيراً. ولا شك أن الحركة الجماهيرية العملاقة في مصر تحمل تضامناً كبيراً مع أهالي غزة.

ماذا تعني الموجة الثورية التي تجتاح العالم العربي بالنسبة لسياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟ هل نشهد اليوم بداية انهيار أسطورة الهيمنة الأمريكية على المنطقة؟

أظن أن النتائج ستكون على نحو مختلف؛ إذ سيضطر عملاء واشنطن إلى الاعتماد بشكل أكبر على حماية الامبريالية الأمريكية التي يتم توجهيها بشكل خاص لدول الخليج الغنية بالنفط. واليوم يصل الرعب من النضالات الجماهيرية إلى كافة عروش الخليج، فالانتفاضات الشعبية قد طالت البحرين وعمان بالفعل، وتأثيرها أصبح واضحاً على الجماهير في المملكة السعودية.

أما تلك البلدان التي تستمر فيها العملية الثورية إلى الآن، مثل مصر –ثاني أكبر دولة بعد اسرائيل في تلقي المعونات الأمريكية- فسوف يتوقف كل شيء على نتائج النضال الجاري بين الحركة الجماهيرية على جانب، والحكم العسكري على الجانب الآخر.

ويعتمد الحكم العسكري في مصر على معونات الولايات المتحدة بشكل كبير، وبلا شك تؤثر حركة الجماهير بشكل سلبي على هذا الاعتماد وعلى سياسات الولايات المتحدة في المنطقة على حد سواء. وبدرجة كبيرة، تمثل الأحداث الجارية ضربة قوية للمصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط بحيث أنها تؤثر على استقرار عملائها في هذه المنطقة الحيوية من العالم.

استند نظام الحكم في مصر على ديكتاتورية عسكرية بشكل فعلي منذ 1952، واليوم يقف الجيش مع حكومة انتقالية على وعد بأن يتم عقد انتخابات حرة وعادلة في سبتمبر القادم، ما الدور الذي يلعبه الجيش اليوم من وجهة نظرك؟ هل يمكن الوثوق فيما قدموه من وعود بترك السلطة بعد الانتخابات الرئاسية؟ أم أنهم قد ضحوا بالديكتاتور من أجل حماية الديكتاتورية نفسها؟

إن المؤسسة العسكرية لديها بالتأكيد عدد من الأوراق التي يمكنها استبدال بعضها ببعض من أجل خداع الجماهير في محاولة لعرقلة الحركة أو إيقافها. بدأ الأمر مع مبارك عندما أقال الحكومة وقام بتعيين رئيس وزراء جديد لتشكيل الحكومة. وبعدها أُجبرت قيادات الحزب الحاكم على الرحيل، ولقد رحل مبارك نفسه تحت ضغط الحركة الجماهيرية، ومن ثم كان على المجلس العسكري أن يغير الحكومة. لكن كل هذه التغييرات لم ترض تطلعات الحركة الجماهيرية بما فيه الكفاية؛ فالجماهير تطالب بأكثر من ذلك، وتريد حكومة خالية تماماً من أي من رموز الحزب الوطني.

بل وأكثر من ذلك، فهم يطالبون بتشكيل مجلس رئاسي يدير الفترة الانتقالية، على أن يضم المجلس أعضاء مدنيين وعضو واحد ممثلاً للمجلس العسكري. كما كانوا يطالبون بانتخاب جمعية تأسيسية، لكن الجيش قد اختصر هذا المطلب بتشكيل لجنة لإجراء بعض التعديلات الدستورية ومن ثم يجري الاستفتاء الشعبي عليها، وذلك بالرغم من وعد الجيش بتغيير الدستور بشكل كامل من خلال البرلمان المزمع انتخابه في الشهور القادمة.

وهنا أريد أن ألفت النظر لنقطة هامة، وهي أن الجيش والإخوان المسلمين يرغبون في عقد الانتخابات البرلمانية في يونيو القادم، بينما يريد الكثيرون من شباب الثورة تأجيل موعد الانتخابات بضعة شهور بعد يونيو تستعد خلالها القوى السياسية الجديدة لخوض المعركة الانتخابية.

وبكل وضوح، فإن ما يسعى إليه الجيش هو بالضبط ما تطلق عليه واشنطن "الانتقال المنظم للسلطة" في فترة انتقالية يسيطر الجيش على مقاليد الأمور فيها. وإن لم يدخل الشباب الجدد والممثلين الحقيقيين لهذه الانتفاضة في المعادلة السياسية الراهنة، فإننا سنظل نشهد هذه اللعبة من الشد والجذب بين الزمرة العسكرية من ناحية والحركة الجماهيرية من ناحية أخرى.

كان واضحاً أن الاحتجاجات الضخمة التي بدأت بها الثورة المصرية، كانت من تنظيم الشباب بشكل خاص. كيف كان دور الطبقة العاملة في رأيك حتى وقتنا هذا؟ وكيف سيكون هذا الدور في المستقبل؟

إذا كنت تتحدث عن الاحتجاجات التي بدأت يوم 25 يناير، فبالتأكيد قامت بعض فصائل المعارضة الليبرالية مثل حركة شباب 6 أبريل، والتي على صلة بالجمعية الوطنية من أجل التغيير الملتفة حول الدكتور محمد البرادعي، بدور كبير في تنظيم الاحتجاج في ذلك اليوم والدعوة إليه منذ البداية.

لكن ميلاد حركة شباب 6 أبريل نفسها، جاء في سياق التضامن مع إضرابات عمالية غير مسبوقة بدأت منذ ديسمبر 2006. حيث حاولت الحركة تنظيم إضراب عام في يوم 6 أبريل 2008 تضامناً مع إضرابات عمالية في نفس اليوم.

أما الآن فنفس العملية تتكرر لكن بشكل عكسي؛ فحركة شباب 6 أبريل والقوى السياسية الأخرى كان لها دور كبير في إطلاق الاحتجاجات يوم 25 يناير السابق، لكن قبل رحيل مبارك بعدة أيام، انضم العمال إلى الاحتجاج ليس كمتظاهرين، لكن مضربين عن العمل. وقد أتت إضرابات العمال ضخمة للغاية وسددت الضربة القاضية التي أدت إلى رحيل مبارك وتسليم السلطة للمجلس العسكري.

وحتى بعد رحيل مبارك، استمرت الإضرابات العمالية التي ترفع فيها قطاعات مختلفة من العمال مطالب التنظيم النقابي المستقل، وغيرها من المطالب، وحتى بالرغم من تهديدات المجلس العسكري ونداءات بعض القوى السياسية –ومن أبرزها جماعة الإخوان المسلمين- لإيقاف الإضرابات. وكل هذا يوضح لنا أن يشكلون جزءاً قوياً وأساسياً في الحركة الثورية.

لكن على جانب آخر، ما هو تقديرك للتخوفات السائدة من دعوات التهدئة بدعوى الحفاظ على "الاستقرار"، هل ستؤدي إلى فقدان الثورة لزخمها والحيلولة دون استمرارها مع الحفاظ على الوضع الراهن كما هو؟

منذ عدة أسابيع، كانت بعض التخوفات طبيعية ولها ما يبررها عندما تنحى مبارك عن السلطة، لكن ما نراه منذ ذلك الحين إلى الآن لا يشير إلى مثل تلك التخوفات على الإطلاق. فالتحركات في أيام الجمعة، والحراك الجماهيري بشكل عام، لا يشير إلى الرغبة في إيقاف النضال، وقد نرى المزيد والمزيد من النضالات في الفترة القادمة. وما يحدث يؤكد بجلاء ما كنت أشير له سابقاً، حيث أن هذه العملية الثورية لم تنته ولم تكتمل بعد، وقد نرى نتائج أخرى محتملة في المستقبل.

وإما أن يقوم الجيش بإحكام السيطرة وأن يمهد لما يُسمى "الانتقال المنظم" للسلطة –الذي تدعمه واشنطن- أو أن حركة الجماهير في فرض تغييرات أكثر جذرية. ولكن، على ضوء ما نراه اليوم في مصر، فإن هناك العديد من العوامل التي تدعو للتفاؤل حول ما يمكن أن يحدث في المستقبل.

أثناء الانتفاضة في مصر، شاهدنا جميعاً درجة عالية من الوحدة بين الرجال والنساء كما بين المسلمين والمسيحيين، كيف يمكن إذن أن تستمر تلك الدينامية في عهد ما بعد مبارك؟ وما هي التحديات التي تواجهها؟

لا أرى أية عوامل آنية يمكن أن تؤدي إلى الانقسام بين الرجل والمرأة أو بين المسلم والمسيحي، على الأقل في المستقبل القريب. لكن على ضوء ما نراه اليوم، أعتقد أن هناك بعض الأخطار التي سوف تواجه هذه الدرجة الهائلة من الوحدة فيما بعد. ومن أبرز تلك الأخطار أو التهديدات هو ما يمكن أن ينشب بين المسلمين والمسيحيين من توترات طائفية استكمالاً لما كان يحدث قبل انطلاق الانتفاضة.

إن الحركة الجماهيرية أثبتت بالفعل قدرتها الهائلة على تجاوز الاختلافات في الدين والجنس، إلخ. ولقد شاهدنا درجة عالية من الأخوة والترابط بين المتظاهرين المسلمين والمسيحيين مثلاً، وحتى القوى السياسية ذات المرجعية الإسلامية، مثل الإخوان المسلمين، تعمدت تنحية الطائفية جانباً أثناء عملها في إطار الانتفاضة.

وفي هذه المرحلة، فإن درجة الوحدة أو عدمها لا تتحدد عن طريق معايير الهوية أو الانتماءات الشخصية، بل تتحدد عن طريق المعايير السياسية ومعايير الانتماء الطبقي أيضاً. لكن وحدة القوى المعارضة هي بالتأكيد عرضة للتهديد، فالمجلس الأعلى للقوات المسلحة يحاول أن يجتذب بعض من تلك القوى للتعاون معه، وقد رأينا ذلك بوضوح عندما تم تعيين عدد من ممثلي المعارضة الرسمية في مناصب وزارية، كما أن المجلس العسكري يحاول تأمين جانب الإخوان المسلمين من خلال دمجهم في عملية "الانتقال المنظم" للسلطة.

إذن فإن المجلس العسكري يحاول شق وحدة قوى المعارضة، ولا يمكننا بأي حال أن نراهن على استمرار تلك الوحدة. وفي الوقت الراهن، قد تستطيع القوى الديمقراطية الجذرية واليسار الراديكالي التحرك ومحاولة استكمال الطريق.

لا شك أن الانتفاضات الجماهيرية في الشرق الأوسط تنتعش بقوة وتتجاوز كل التصورات السابقة، بل وتتخطى الحدود لتصل إلى ليبيا والجزائر، إلخ. هل تتوقع أن تصل هذه الموجة إلى بلدان مثل لبنان أو سوريا أو السعودية؟

الانتفاضات الجماهيرية تكون أكثر قوة كلما كانت الأنظمة الحاكمة أكثر قمعاً واستبداداً. لبنان، على سبيل المثال، تجري فيها انتخابات بشكل منتظم ونزيه إلى درجة كبيرة، والأغلبية السياسية يستحوذ عليها حزب الله، لذا فنحن نتحدث عن ظروف مختلفة بشكل كبير. إلا أنه، وعلى الرغم من ذلك، شاهدنا في لبنان مظاهرة كبيرة للتنديد بالطائفية لصالح العلمانية. لكن على الجانب الآخر، عندما ننظر إلى السعودية أو سوريا، فإننا نرى احتجاجات جماهيرية تغلي في الأسفل لكنها تواجه قمع شديد العنف من قبل الأنظمة المستبدة هناك.

أما إذا كانت انفجارات جماهيرية سوف تحدث في بلدان أكثر قمعاً، فستكون أكثر دموية وعنفاً مما حدث في تونس أو مصر. وهذا بالضبط ما يحدث اليوم في ليبيا. وهذا ما يمكن أن يحدث في سوريا أو السعودية مثلاً. وفي بلدان كهذه، يمكن أن تبدأ تحركات جماهيرية غير مسبوقة، خاصة إذا انتصرت الثورة في ليبيا، مما قد يدفع الحركات الجماهيرية في مثل هذه البلدان خطوات كبيرة إلى الأمام. واليوم، تعيش الأنظمة الحاكمة حالة من الذعر الشديد من تطور الحركة الجماهيرية ضدهم، فأصبحوا يرفعون الأجور ويلقون الوعود بسياسات اجتماعية مختلفة، خوفاً من انتقال عدوى الانتفاضة إلى بلدانهم.

لم يعد أي من الأنظمة العربية اليوم يشعر بأي درجة من الطمأنينة حول مستقبل الاستمرار في الحكم، حتى في تلك الدول التي من الممكن تغيير الحكام فيها من خلال الانتخابات مثل لبنان أو العراق. فالعراق على سبيل المثال، قد شهدت موجة من الاحتجاجات غير المسبوقة منذ عهد طويل ليس من أجل مطالب ديمقراطية، لكن مطالب اقتصادية واجتماعية.

تحدثنا عن تأثير الثورة في مصر على العالم العربي، وعما يمكن أن تمثله الحالة الثورية في المنطقة العربية على الهيمنة الأمريكية، لكن ماذا عن امتداد تأثير تلك الانتفاضة على المستوى العالمي؟ هل تعتقد أن هذه الموجة الثورية تمثل تحدياً لسياسات الليبرالية الجديدة السائدة عبر العالم؟

الموجة الراهنة من الانتفاضات الجماهيرية في المنطقة العربية هي بلا شك نتيجة التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي أحدثتها الليبرالية الجديدة نفسها. لكنها لم تتحدى بدرجة كبيرة النظام العالمي ولا حتى الليبرالية الجديدة على المستوى المحلي إلى الآن. ويمكنني أن أقول أن البعد الديمقراطي لا يزال سائداً إلى الآن. لكن على الرغم من ذلك، نرى اليوم في مصر تحركات عمالية ذات شأن تواجه بعض وصفات الليبرالية الجديدة.

وعلى المستوى العالمي أيضاً، لا يزال النضال الديمقراطي مهيمناً أكثر بكثير من الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية، ويمكننا ملاحظة كيف وصل تأثير الانتفاضات العربية إلى الصين مثلاً. أما عن المستقبل فيمكننا أن ننتظر لنرى.

أما الأنظمة الجديدة/ القديمة التي اهتزت بفعل الانتفاضات الجماهيرية، فهي تسعى بكل جهدها لإبقاء الحركة الجماهيرية منحسرة في إطار الديمقراطية السياسية، دون التطور بشكل أعمق للمرحلة الاقتصادية والاجتماعية. وهنا سوف أعود إلى تكرار أن العملية الثورية لم تنته بعد، ولم تنجز بعد كامل مهامها، وقد تتطور تلك العملية لتشكل تحدياً هائلاً لسياسات الليبرالية الجديدة، وبالأخص في مصر وتونس حيث تلعب الطبقة العاملة أدواراً بالغة الأهمية في العملية الثورية.

ترجمة: أشرف عمر

حوار: علي مصطفى

تم نشر الحوار لأول مرة في: http://www.newsocialist.org

Tuesday, March 22, 2011

مئة عام على الثورة الدائمة


ثورات الشرق الاوسط الهمت العديد من الاشتراكيين حول العالم ، فالروح الثورية التى تسرى فى كل من مصر ، تونس ، اليمن، ليبيا وباقى ارجاء الوطن العربى ..اعادت الى النقاش والجدل مسألة الثورة الاشتراكية ودور الاشتراكيين الثوريين فى تلك الثورات...ورغبة منا فى فتح نقاش واسع بين كل الاشتراكيين الثوريين حول طبيعة ومهام الثورة المصرية خاصة والدول العربية بشكل عام وماهو التكتيك والاستراتيجية المناسبة للعمل السياسى والنضالى لتجذير الحركة االجماهيرية الواسعة التى تشهدها المنطقة الان
، فأننا ننشر هذا المقال لجون مولينو رغم مرور اربع سنوات علية ...الا ان اهميتة هو فى توضيح الاسس النظرية والمبادىء العامة لنظرية الثورة الدائمة ....والتى تؤكد بشكل حاسم ضرورة دراسة وتحليل خصوصية الوضع "الوطنى " وعلاقاتة المتشابكة بالوضع العالمى للرأسمالية والقوى المناهضة لها .

مئة عام من الثورة الدائمة

1 يوليو 2007

جميع النظريات – مثل الأفكار بشكل عام – لها جذور مادية. وهي تنمو كانعكاسات وردود على أوضاع تاريخية واجتماعية محددة. ولفهمها يجب النظر إليها في سياقها. إلا أنه من الخطأ الكبير أن نستنتج من هذا، كما يفعل الناس غالبا، أنه بمجرد مرور الزمن أو تغير المجتمع تصبح نظرية صحيحة في السابق غير ذات دلالة الآن. الاشتراكيون هم أقل من يمكنهم تحمل هذا الخطأ، حيث أنه ما زال لدينا الكثير لنتعلمه من النصوص الكلاسيكية لتراثنا، مثل، على سبيل المثال، كتابات ماركس وإنجلز.

هناك سببان رئيسيان لاحتفاظ مثل هذه النصوص بأهميتها. أولا لأن هناك دائما عامل الاستمرارية إلى جانب التغيير في التاريخ. فالرأسمالية موجودة منذ حوالي خمسمائة سنة. وهي أثناء تلك الفترة تغيرت بشكل هائل. ولكن ظلت ديناميكيتها المركزية هي تراكم رأس المال، وظلت طبقاتها الأساسية هي البرجوازية والبروليتاريا، وظلت علاقة الاستغلال بينهما على حالها. وبالتالي، فإن الكتابات التي تحوي فهما متماسكا لهذه الأساسيات، مثل "البيان الشيوعي"، تحتفظ بقيمة أكبر من أي عدد من الكتب "الحديثة" في التاريخ أو علم الاجتماع التي تفشل في إدراكها.

السبب الثاني هو أن أي تحليل نظري يتضمن رؤية حقيقية للنزعات الكامنة في المجتمع يصبح أكثر، وليس أقل، صحة، مع مرور الوقت وتعزيز تلك النزعات لنفسها. وهكذا فإن عبارة ماركس بأن "البرجوازية من خلال استغلالها للسوق العالمي أعطت طابعا عالميا للإنتاج والاستهلاك في كل بلد" (1)، هي وصف أكثر دقة بكثير لعالم اليوم عما كانت عندما كتبت في عام 1848.

ولكن في الوقت نفسه، يجب أن نتذكر أن أيا من الكتابات في التراث الماركسي ليست نصوصا مقدسة ولا يقف أى منها فوق أو خارج التاريخ، وأنها لا تتعامل مع الحقائق الأبدية، ولكنها تحليلات ملموسة لا تقترن صحة مقترحاتها بكون كاتبها ذا حيثية. ليس هناك شيء صحيح لمجرد أن ماركس أو أي شخص آخر قاله. على الاشتراكيين أن يقدّروا ويدرسوا كتابات الماضي البارزة، ولكن أيضا عليهم أن يقيّموها بشكل نقدي من حيث علاقتها بالتاريخ والواقع المعاصر. ولقد لخص الماركسي اللماح توني كليف ذلك عندما أكد، اقتباسا من إسحاق نيوتن، أن "من يقفون على أكتاف العمالقة يمكنهم أن يروا أبعد ". ولكنه بعد ذلك أضاف: "شريطة أن يفتحوا أعينهم".

ونظرية الثورة الدائمة لتروتسكي، التي وضُعت منذ حوالي مائة سنة، مثال ممتاز على ذلك. فهي تظل مرشدا مفيدا جدا للعمل في عالم اليوم، بشرط ألا تفهم بشكل جامد متعسف.

الثورة الدائمة: روسيا

نشأت نظرية الثورة الدائمة في روسيا القيصرية في بدايات القرن العشرين. كانت روسيا في ذلك الوقت أكثر المجتمعات تخلفا في أوروبا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا. حيث كانت الغالبية العظمى من السكان من الفلاحين الذين يعيشون ويعملون في ظروف أشبه بتلك التي كانت سائدة في القرن السابع عشر بأوروبا الغربية. فمثلا ألغيت العبودية فقط في عام 1861، أي بعد أكثر من 400 سنة من اختفائها في بريطانيا، وظل ملاك الأراضي الأرستقراطيون هم الطبقة الحاكمة في البلاد. أما الصناعة الحديثة وما يرتبط بها من طبقات، البرجوازية والبروليتاريا، فقد كانت في طور التكوين في المدن، وخاصة في سان بطرسبرج وموسكو، ولكن الزراعة ظلت هي السائدة. ولم تكن هناك ديمقراطية أو حرية تعبير. فالسلطة السياسية تركزت في يد القيصر أو الإمبراطور الذي كان حكمه مطلقا. وبعبارة أخرى، فإن الوضع في روسيا كان يمكن مقارنته بالوضع في فرنسا قبل ثورة 1789.

وكانت المشكلة التي تواجهها الحركة الماركسية الشابة في روسيا هي ما الذي ينبغي أن يفعلوه في مثل هذه الظروف. وقد اتفق الماركسيون على شيء واحد هو أن روسيا كانت متجهة إلى ثورة للإطاحة بالديكتاتورية القيصرية وأنهم يجب أن يساعدوا في تحقيق ذلك. أما الخلافات فكانت حول التحديد الدقيق لطبيعة وديناميكيات هذه الثورة القادمة، وبالتالي حول الدور الاستراتيجي للماركسيين داخلها. وأتت هذه الاختلافات إلى الواجهة نتيجة لثورة 1905 في روسيا، حيث برزت ثلاثة مواقف محددة.

الأول، وهو موقف بليخانوف والمناشفة، وهو أن الثورة الروسية ستكون ثورة برجوازية، تقودها البرجوازية لتنشأ عنها ديمقراطية رأسمالية تكون فيها البرجوازية هي الطبقة الحاكمة. وتكون مهمة الماركسيين هي دعم هذه العملية مع الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة داخلها. أما النضال من أجل الاشتراكية فيأتي لاحقا.

أما الثاني، الذي اتخذه لينين والبلاشفة، فقد قَبل أن الطابع الأساسي للثورة سيكون برجوازيا – وأن نتيجتها ستكون الديمقراطية الرأسمالية وليست الاشتراكية – ولكنه جادل بأن البرجوازية الروسية كانت محافظة جدا ومحجمة عن أن تقود ثورتها. ولذا فسيتعين على الطبقة العاملة، بالتحالف مع الفلاحين، أن تقود الثورة الديمقراطية.

الثورة التي استشرفها لينين كان من المفترض أن تتوج "بإنشاء الدكتاتورية الثورية الديمقراطية للبروليتاريا والفلاحين" (2). وهذا يعني حكومة عمال وفلاحين لفترة قصيرة، تتولى إنشاء جمهورية ديمقراطية تنفذ إصلاحا زراعيا جذريا. وبعد ذلك تتوقف الغالبية الفلاحية، بعد ضمان هدفها الرئيسي ألا وهو الأرض، عن أن تكون ثورية وتتحول الديكتاتورية الثورية الديمقراطية إلى ديمقراطية برجوازية عادية يشكل فيها الاشتراكيون معارضة ثورية (3).

أما الموقف الثالث، فهو الذي اتخذه ليون تروتسكي وأصبح معروفا بـ"الثورة الدائمة"(4). اتفق تروتسكي مع لينين أن الطبقة العاملة، وليست البرجوازية، هي التي ستقود الثورة، ولكنه جادل بأنه أثناء هذه العملية ستضطر الطبقة العاملة إلى أن تستولي على السلطة وتبدأ التحول إلى الاشتراكية. بعبارة أخرى، الثورة الروسية لن تقف عند مرحلة الديموقراطية البرجوازية، بل ستنمو إلى سلطة عمالية وثورة اشتراكية. (جاء الاسم، "الثورة الدائمة"، من مقال لماركس في 1850 دافع فيه عن موقف مماثل بالنسبة لألمانيا) (5).

وقد رد تروتسكي على الاعتراض الهام الذي يقول بأن الغالبية الفلاحية في روسيا والتخلف الاقتصادي يجعلانها غير قادرة على تحمل علاقات الإنتاج الاشتراكية، بأن هذا يعد صحيحا إذا اعتبرت روسيا في عزلة! لكن ينبغي أن ينظر إلى الثورة الروسية باعتبارها خطوة أولى في ثورة عالمية، حيث أن شروط الاشتراكية متحققة دوليا. فبدون انتشار الثورة إلى بلدان أخرى، فلن يكون بوسع سلطة العمال البقاء في روسيا (6).

ولابد من تأكيد أن نظرية تروتسكي تضرب بجذورها في تحليل ملموس للتاريخ والمجتمع الروسيين. هذا التحليل يبرز خصوصيات تطور روسيا، ولكن دائما من خلال فهم علاقتها مع بقية العالم، وليس برؤية روسيا في عزلة. فما هو قومي كان ينظر إليه في سياق أممي.

فقد جادل تروتسكي بأن السمة الرئيسية للتاريخ الروسي هو تخلفه بالمقارنة ببقية أوروبا. فالضغط على روسيا من جيرانها الأوروبيين الأكثر تقدما نشأ عنه نمو غير متكافئ في دور وحجم جهاز الدولة الروسية. هذا بدوره يعني أنه عندما بدأت الرأسمالية، متأخرة جدا، بالتطور في روسيا في نهاية القرن التاسع عشر، فإنها فعلت ذلك تحت وصاية ضخمة من الدولة، وعلى أساس استثمارات أجنبية (خاصة من فرنسا وبريطانيا). أنتجت هذه العوامل برجوازية ضعيفة جدا من حيث جذورها العضوية في المجتمع الروسي، وتابعة بشكل غريب للديكتاتورية القيصرية، ومرتبطة بشكل غريب برأس المال الأجنبي، الذي كان قد توقف منذ زمن طويل عن أن يكون ثوريا وأصبح قوة مضادة تماما للثورة على المستوى العالمي.

لكن نفس هذه العوامل، على أية حال، نتج عنها في روسيا بروليتاريا فاق وزنها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي كثيرا حجمها العددي. فبالتحديد بسبب تطورها المتأخر واعتمادها على رأس المال الأجنبي، فإن الصناعة الروسية نشأت على أساس أحدث التقنيات وعلى أوسع نطاق ممكن:

"في نفس الوقت الذي ظلت فيه زراعة الأرض الفلاحية ككل... على مستوى القرن السابع عشر، فإن الصناعة الروسية وقفت في التقنية والهيكل الرأسمالي على مستوى البلدان المتطورة وفي بعض النواحي فاقتها. فالمشاريع الصغيرة، التي تشمل أقل من 100 عامل، استخدمت في الولايات المتحدة في عام 1914 حوالي 35 ٪ من مجموع العمال الصناعيين، ولكنها في روسيا استخدمت 17.8 ٪ فقط... ولكن المشاريع العملاقة فوق 1000 عامل استخدمت في الولايات المتحدة 17.8 ٪ من العاملين وفي وروسيا 41.4 ٪" (7).

وهكذا، فعلى الرغم من كون الطبقة العاملة مثّلت فقط حوالي 5٪ من السكان، إلا أنها أمسكت في أيديها قوى الإنتاج الحاسمة في المجتمع الروسي. ومن خلال تركيزها الهائل في بضع مدن رئيسية توفرت لها قوة سياسية حاسمة. وتبلورت هذه الظاهرة في مصنع بوتيلوف المعروف بنضاليته السياسية في منطقة فيبورج في سان بطرسبورج، الذي ربما كان أكبر مصنع في العالم بعماله الذين بلغ عددهم 40 ألف عامل في عام 1914.

هذا النزوع للرأسمالية إلى أن تضع جنبا إلى جنب في تشكيل اجتماعي واحد أكثر الهياكل الاجتماعية والظواهر تخلفا وأكثرها تقدما أسماه تروتسكي بـ"قانون التطور المركب واللا متكافئ". وفي روسيا أنتج التطور المركب واللا متكافئ مزيج البرجوازية المحافظة والضعيفة والبروليتاريا الثورية والقوية – وكان هذا هو جوهر الأساس المادي لاستراتيجية الثورة الدائمة.

ويجب أن نضيف إلى هذا تحليل تروتسكي لدور الفلاحين. فبينما كان لدى المناشفة عموما اتجاه متشكك نحو حركة الفلاحين، إلا أن لينين أيدها بحماس. ولكن ما اتفقا عليه هو أن وجود غالبية فلاحية يستبعد إمكانية السلطة العمالية. وفي معارضته لهذا أصر تروتسكي على أن ثورة الفلاحين، رغم كونها عاملا حيويا في الثورة، لن تكون قادرة على استبدال البروليتاريا أو قيادة الحكومة الثورية. ومعتمدا على تحليل ماركس للفلاحين الفرنسيين في كتاب "الثامن عشر من برومير لويس بونابرت"، وعلى سجل ثورات الفلاحين في روسيا وأماكن أخرى، خلص تروتسكي إلى أن التجربة التاريخية تبين أن الفلاحين عاجزون تماما عن لعب دور سياسي مستقل" (8). فالريف سيتبع المدينة. الفلاحون سيتبعون أيا من الطبقات الحضرية التي توفر القيادة الأقوى. وحيث أن البرجوازية الجبانة ستخون نضال الفلاحين من أجل الأرض، فسوف ينتج عن هذا أن الفلاحين سيتبعون الطبقة العاملة التي ستضطر، بمنطق الأحداث، إلى أخذ السلطة في يدها.

الثورة الدائمة والواقع

أثبتت الثورة الروسية عام 1917 صحة نظرية الثورة الدائمة. كانت الحقيقة، بالطبع، أكثر ثراء وتعقيدا من أي نظرية. ولكن لا شك أن الأحداث الفعلية طابقت على نحو أوثق منظور تروتسكي أكثر من غيره. فالثورة بدأت مع انتفاضة فبراير التي أطاحت بالقيصر وكانت هي عملا تلقائيا للعمال أنفسهم. وأثبتت الحكومة المؤقتة البرجوازية التي تشّكلت أنها غير قادرة على الإطلاق على تأدية أي من مطالب أو مهام الثورة، لا إنهاء الحرب، ولا إعطاء الأرض للفلاحين، ولا حتى عقد الجمعية التأسيسية لإقامة جمهورية ديمقراطية. أما إصرار المناشفة على الطابع البرجوازي للثورة فقد حولهم أولا إلى قوة محافظة تحاول كبح الطبقة العاملة، ثم إلى دعاة ثورة مضادة صراحة في معارضتهم لثورة أكتوبر.

أما بالنسبة للبلاشفة، فقد تجاوزت الأحداث الموقف الوسيط الذي كانوا يتبنونه. فظهور السوفييتات (مجالس العمال) كتكوينات جنينية لسلطة العمال، وعودة لينين إلى روسيا من المنفى، ساهما في كسبهم إلى منظور ثورة العمال على أساس رفع شعار "كل السلطة للسوفييتات"، أي على أساس تبنى موقف تروتسكي فعليا. وبدوره، انضم تروتسكي إلى البلاشفة وقادا معا استيلاء الطبقة العاملة على السلطة في أكتوبر.

كذلك تأكدت نظرية الثورة الدائمة "سلبيا" بحقيقة أنه رغم أن الثورة الروسية ألهمت موجات ثورية عالمية، إلا أن هزيمة الثورة العالمية جعلت من المستحيل بناء الاشتراكية في روسيا وأدت إلى الردة الستالينية.

ولكن إذا كانت الثورة الدائمة صحيحة بالنسبة لروسيا، فما هي إمكانية انطباقها على البلدان الأخرى التي لم تتحقق فيها بعد مهام الثورة البرجوازية؟ هذا السؤال طرحته بشدة التطورات في الصين. فقد شهدت الصين في السنوات 1925-1927 تصاعدا سريعا لحركة ثورية جماهيرية موجهة ضد الإمبريالية الخارجية وأمراء الحرب الصينيين وملاك الأراضي الإقطاعيين. ولعبت دور القيادة في هذه الحركة الإضرابات الجماهيرية المناضلة للبروليتاريا الصينية الشابة في المدن الساحلية كشانغهاى وكانتون.. الخ (9).

تفاعلت الأممية الثالثة، التي كانت قد غدت تحت السيطرة الكاملة للستالينية، مع هذه الظروف بالعودة إلى موقف المناشفة قبل 1917 بالمجادلة بأن الثورة الصينية ستكون ثورة برجوازية ديمقراطية بقيادة البرجوازية، وأن مهمة الشيوعيين الصينيين لا تزيد عن دعم هذه العملية من اليسار. وفي إطار هذه السياسة صدرت تعليمات إلى الحزب الشيوعي الصيني بالانضمام والانصياع، بل وتسليم قوائم عضويته، إلى الحزب القومي الصينى الرئيسي، الكومينتانج برئاسة تشيانج كاي شيك. واستمرت هذه السياسة، على الرغم من احتجاجات وتحذيرات تروتسكي، حتى عام 1927، عندما وضع شيانج كاي شيك الثوريين الصينيين من العمال والشيوعيين تحت السيف في سلسلة من المذابح في شنغهاي وكانتون. ورد تروتسكي بالإصرار على أن "الثورة الصينية... ستفوز كديكتاتورية للبروليتاريا أو لن تفوز على الإطلاق" (10). ثم في عام 1928، في عمله المثير للجدل "الثورة الدائمة"، بلور تروتسكي نظريته القابلة للتطبيق على جميع البلدان المتخلفة والمستعمرة:

"بالنسبة للدول ذات التطور البرجوازي المتأخر، خاصة المستعمرات وشبه المستعمرات، تشير نظرية الثورة الدائمة إلى أن الحل الكامل والحقيقي لإشكالية تلك البلدان المتعلقة بالظفر بالديمقراطية والتحرر الوطني أمر يمكن تصوره فقط في إطار ديكتاتورية البروليتاريا بوصفها الطبقة القائدة للأمة الخاضعة."

هذا التعميم للثورة الدائمة كان إنجازا هائلة ومصدرا للعديد من المشاكل. كان إنجازا هائلا لأنه بالتخلص من نظرية المراحل الميكانيكية، التي تميز كلا من الإصلاحيين والستالينيين، وبالتخلص من فكرة أن دولا بعينها ليست مستعدة بعد للاشتراكية، أصبح لسلطة العمال والاشتراكية برنامج عالمي بالكامل لأول مرة.

أما كونه مصدرا للمشاكل، فهو يرجع إلى أن الإصرار على أنه لا تقدم ممكنا تقريبا بدون دكتاتورية البروليتاريا يعتبر استبدالا لعقيدة ميكانيكية بأخرى. ظهرت هذه الإشكالية وتقدمت إلى الواجهة بعد الحرب العالمية الثانية عندما تراجع عدد من الدول الإمبريالية، وخاصة بريطانيا، عن سياسات الحكم الاستعماري المباشر، وحققت العديد من البلدان المستعمرة استقلالها الوطني دون ثورات العمال. دفعت هذه التطورات بعض التروتسكيين، الذين تمسكوا بتعصب بحرفية صياغات تروتسكي، إلى إنكار إمكانية حدوث تغييرات في أمور أوضحت صيرورة الأحداث أنها ستحدث – على سبيل المثال، قيادة غاندي ونهرو الهند إلى الاستقلال في 1947، أو انتصار مانديلا والمؤتمر الوطني الإفريقي على نظام الفصل العنصري وإقامة الديمقراطية في جنوب إفريقيا – أو دفعتهم إلى اختراع ثورات عمالية من أسفل لم تحدث، كما هو الحال في تأكيداتهم حول طبيعة ثورات كالصينية والفيتنامية والكوبية.

الثورة الدائمة اليوم

إذن أين تقف الثورة الدائمة فيما يتعلق بالنضال اليوم؟ هنا يجب التمييز بين الثورة الدائمة كتنبؤ مطلق وعام، والثورة الدائمة كهدف استراتيجي. كتنبؤ مطلق (كما في صياغة عام 1928) من الواضح أنه لا يمكن الدفاع عنها، ولكن كنظرية لتوجه استراتيجي عام، فهي في كثير من الحالات مفيدة جدا، بل وضرورية.

أينما كان هناك نضال يشن ضد الإمبريالية أو الاضطهاد العنصري أو القومي أو الدكتاتورية، فإن الاشتراكيين الثوريين يقع عليهم ضغط شديد (من الليبراليين والقوميين والإصلاحيين والستالينيين، وهلم جرا) للتضحية، أو للوضع على الرف (في الوقت الحاضر!)، بالأفكار والمطالب الاشتراكية وحتى المصالح الأساسية للطبقة العاملة، باسم الوحدة في النضال من أجل الهدف المباشر. ترفض استراتيجية الثورة الدائمة تلك الضغوط، ليس من الموقع العصبوي الرافض للنضال المعادي للإمبريالية أو للنضال الديمقراطي بصفته عديم الدلالة، بل من موقف الدفاع عن الطبقة العاملة والقيادة الاشتراكية في النضال من أجل الاستقلال الوطني والديمقراطية.

وفي جميع هذه الصراعات فإن استراتيجية الثورة الدائمة ستعامل ما يطلق عليه "البرجوازية الوطنية"، وحتى أقسامها "الأكثر وطنية"، على أنها في أفضل الأحوال حليف لا يعتمد عليه وعدو محتمل، وبالتالي ستقاوم جميع الدعوات الموجهة إلى الاشتراكيين والطبقة العاملة للتخلي عن استقلالهم السياسي والتنظيمي. فالثورة الدائمة تعني أن الاشتراكيين، بينما يشاركون بقوة في حركات التحرر الوطني والديمقراطية، يسعون إلى تطوير تلك الحركات إلى نضالات من أجل سلطة العمال والاشتراكية العالمية. وذلك ليس بسبب أن أي نوع من الاستقلال الوطني أو الديمقراطية غير ممكن دون الثورة الاشتراكية، ولكن لأن طبيعة الرأسمالية العالمية والإمبريالية ستضعف وتفسد وتقوض أي استقلال أو ديموقراطية يتم كسبهما على أساس رأسمالي.

وبفهمها بهذه الطريقة، فإن استراتيجية الثورة الدائمة، على العكس من الإدعاء بأنه قد عفا عليها الزمن، تلائم الوضع الحالي في الشرق الأوسط تماما. ففي المقام الأول هناك نضال ضد الاحتلال الإمبريالي في العراق. ومن واجب الاشتراكيين دعم هذا النضال دون قيد أو شرط، بصرف النظر عما إذا كان يقوده الإسلاميون أو القوميون أو الشيوعيون أو أيا كان. ولكنه أيضا من واجبات الاشتراكيين أن يضغطوا داخل هذه المعركة من أجل الاشتراكية وقيادة الطبقة العاملة، لأن مثل هذه السياسات وهذه القيادة هي أفضل حصن ضد الانقسامات الطائفية التي يقويها الإمبرياليون وبذلك يضعفون النضال ضد الاحتلال.

وفي المقام الثاني هناك النضال الفلسطيني ضد الصهيونية. ومرة أخرى فمن واجب الاشتراكيين دعم هذا النضال دون شروط. ولكن أليس من الواضح أيضا أنه مهما قاوم الفلسطينيون ببطولة فإن القوة الاقتصادية والعسكرية للصهيونية التي تمولها وتسلحها إمبريالية الولايات المتحدة هي طاغية لدرجة لا يمكن معها للفلسطينيين وحدهم الإطاحة بها؟ فهزيمة إسرائيل الصهيونية والتحرير الحقيقي لفلسطين (وهما متلازمان) لا يمكن أن يتما إلا على أساس تعبئة موحدة للجماهير في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ولكن العقبة الرئيسية أمام هذه التعبئة، بطبيعة الحال، هي الأنظمة الفاسدة الموالية للإمبريالية والبرجوازية والتي توجد في كافة أنحاء المنطقة، والتي وبغض النظر عن رطانتها الوطنية، فشلت مرارا وخذلت الفلسطينيين. وبالتالي فإن تحرير فلسطين يتطلب بإلحاح عملية ثورة دائمة بقيادة العمال في كل أرجاء الشرق الأوسط.

وفي المقام الثالث، هناك النضال من أجل الديمقراطية في بلدان الشرق الأوسط. الحقوق الديمقراطية – الانتخابات الحرة وحرية التعبير وحرية الصحافة وحرية تكوين الجمعيات وإنهاء التعذيب والاعتقال التعسفي – صحيحة وهامة في حد ذاتها. ولكن النضال من أجل الديمقراطية لا ينفصل عن غيره من الصراعات. فمثلا جزء كبير من كون نظام مبارك قادرا على مواصلة ممارساته غير الديمقراطية والبقاء في السلطة يرجع لأنه مدعوم من الولايات المتحدة. فالإمبريالية الأمريكية تؤيد مبارك لأنه يفتح مصر على السوق العالمي، وعلى الشركات الأمريكية على وجه الخصوص، وبسبب دوره في منع التعبئة العربية ضد إسرائيل و/أو الولايات المتحدة. ومن داخل مصر فإن الطبقة العاملة المصرية الضخمة، والتي تتركز في القاهرة كما كانت البروليتاريا الروسية تتركز في سان بطرسبوج وموسكو، أولا لديها أقوى مصلحة في تحقيق الديمقراطية الكاملة، وثانيا هي أكبر قوة لهزيمة النظام، وثالثا هي تمتلك الوعي والقدرة على قيادة النضال ضد الإمبريالية في المنطقة ككل. وبتعبير آخر، من نقطة انطلاق مختلفة نعود مرة أخرى إلى منظور الثورة الدائمة التي وضعها تروتسكي منذ أكثر من قرن من الزمان.

والمسألة ليست طبعا مجرد الشرق الأوسط. فمن الممكن تماما إجراء عرض مماثل لدلالة وأهمية منظور الثورة الدائمة في جنوب أمريكا أو جنوب إفريقيا أو إندونيسيا (12). والنقطة الأساسية هنا هي المبادئ المنهجية القائمة على الانطلاق من رؤية عالمية في تحليل الخصائص الوطنية وفي فهم قانون التطور المركب واللامتكافئ لكل بلد على حدة، وهي مسائل تعتبر مفتاحا لنظرية الثورة الدائمة.

وفي كل الأحوال علينا ألا ننسى أن الدفاع عن صحة وفائدة نظرية الثورة الدائمة اليوم، هو مثال واحد على فكرة ذات دلالة أوسع، وهي استمرار أهمية النظرية الماركسية والتراث الماركسي كمفاتيح تساعدنا على فهم عالمنا اليوم وعلى النضال ضد شروره.