Thursday, December 6, 2007

اغيثوا سكان جزيرتى قرصاية والذهب

حياة بسيطة هادئة يعيشها أهالي جزيرتي «القرصاية والذهب» الذين يعتمدون علي حرفتي الصيد والزراعة لكسب قوت يومهم، في حين يتصلون بالعالم المحيط بهم عن طريق عدد من المعديات التي تعتبر وسيلة النقل الوحيدة في مثل تلك الجزر.
الثلاثاء الماضي كان يوماً فاصلاً بالنسبة لسكان جزيرة «القرصاية» التي تبلغ مساحتها ٧٥ فداناً ويعيش فوقها نحو ٢٠٠ نسمة، المحيرة الهادئة تحولت فجأة إلي بركان من الغضب والقلق، بعد أن أقدمت الحكومة علي طرد عدد من سكان الجزيرة من مساحة يزرعونها تقدر بنحو ٦ أفدنة، وذلك بدعوي استخدامها للمصلحة العامة، لكن السكان الذين سمعوا منذ فترة عن نية الحكومة لطردهم من الجزيرة لصالح بعض المستثمرين لم تنطل عليهم الحجة، ورفضوا الخروج من أرضهم، فما كان من جهات التنفيذ، إلا أن طردتهم بالقوة بعد أن أطلقت الأعيرة النارية في الهواء واعتدت علي الأهالي بالهراوات والعصي المكهربة.
نادية عثمان، «٤٥ سنة» إحدي نساء الجزيرة تعجبت من تعامل الحكومة المصرية مع مواطنيها، بكل هذه القسوة إلي الحد الذي يدفعها للاعتداء عليهم وكأنهم يهود رغم كونهم مواطنين مصريين فقراء، هم أحوج ما يكونون إلي عطف الحكومة بدلاً من إذلالهم بهذا الشكل.أضافت نادية: أعيش علي الجزيرة منذ ٢٠ عاماً برفقة زوجي الذي يعمل «جنايني» بناحية منيل الروضة، والآن تريد الحكومة احتلال الجزيرة كلها وطردنا منها حتي يمكنها أن تبيعها لأحد المستثمرين لإنشاء منتجع سياحي فوقها، فأين يذهب سكان الجزيرة من الفقراء الذين لا يعرفون في دنياهم سوي الصيد والزراعة ولا يوجد لديهم أي مصدر آخر للدخل، بل إن بعضنا حمل طوب بيته فوق رأسه من الجيزة والمناطق المحيطة حتي تم بناؤه.
واستطردت: «كل حاجة صعبة و«طافحين» الدم لكننا نحمد الله وراضيين بحالنا»، وفي المقابل فإن الحكومة لا تدعنا نعيش في سلام وتريد هدم استقرارنا.مجدي يوسف جمعة، ٤٥ سنة مزارع، قال إنه يملك هو وشقيقه وشخص ثالث مساحة نصف فدان في جزيرة القرصاية مزرعة بالأرز والذرة.. وفي السابعة من صباح الثلاثاء الماضي فوجئنا بعدد كبير من العساكر يقودهم أربعة ضباط يقومون باحتلال الأرض بل إنهم أمسكوا بالمزارعين الذين تواجدوا بها واعتدوا عليهم وأطلقوا عدداً من الأعيرة النارية، وفي النهاية قالوا إن علينا أن نحضر الأوراق التي تثبت حقنا في الأرض للذهاب معهم إلي جهة ما، وعندما وصلنا فوجئنا بهم يقومون بالضغط علينا للتنازل عن الأرض بعد أن وجهوا لنا تهمة محاولة قلب نظام الحكم علي الرغم من أننا ذهبنا معهم بمحض إرادتنا.
وأضاف: لم يكن أمامنا في نهاية الأمر، إلا التوقيع بالتنازل عن الأرض حتي نستطيع العودة لأسرنا، خوفاً من أن يتم سجننا لعدة سنوات بتهمة ملفقة، فقد سبق أن قاموا بردم ١٥ فداناً من القرية الفرعونية، رغم أنها كانت مزروعة بالبردي، وهو ما يؤكد أن وزراء الحكومة يريدون أن يكون لكل منهم ٣٠ قصراً بعدد أيام الشهر وأنهم لم يجدوا أمامهم سوي الجزيرة وفلاحيها لسرقتهم.
عبدالفتاح عبدالمعطي، مزارع من مواليد جزيرة القرصاية عام ١٩٥٣، وهي نفس المكان الذي عاش به والده وجده قبل أن يتركا له فداناً من الأرض، هو مصدر دخله الوحيد الذي ينفق منه علي أسرته، صباح الثلاثاء الماضي، فوجئ عبدالفتاح بعدد من العساكر يعتدون عليه بالضرب ويطلقون النيران في الهواء، حين رفض التخلي عن أرضه ، وهو ما دفعه للتساؤل: إذا كانت الدولة تقول إن هذه أرضها فنحن من أبنائها، فما الذي يدفعها لأخذها منا وإعطائها لمستثمرين هم في غني عنها، بينما نحن لا نعرف سوي الفلاحة في الأرض التي تعتبر كل حياتنا؟!
حالة أم عبدالمنعم «٦٠ سنة» كانت أكثر صعوبة وأشد قسوة، إذ علي الرغم من أن العجوز لا تملك أي مساحة في الأرض التي تم أخذها من أصحابها، فإنها بكت بشدة وهي تنظر إلي بيتها الذي ذاقت المر ـ علي حد وصفها ـ هي وزوجها الذي توفي قبل ٢٠ عاماً حتي تمكنا من تأسيسه، والآن أصبحت تخشي تلك الساعة التي يتم فيها طردها هي وبناتها الأربع والولد الوحيد الذي يتحمل عبء الإنفاق علي الأم والشقيقات، بالإضافة إلي زوجته وأطفاله الثلاثة.
دموع الأم انسابت وهي تقول: هم يقولون لنا إنهم سيأخذون الجزيرة لإعطائها لمستثمرين ولو أن لنا بلداً أو مكاناً آخر، لفرطنا في بيوتنا هذه لكن ليس لنا أي بديل.. لذلك من الصعب أن نفرط فيها، بعد أن بنيناها بدماء قلوبنا طوبة بعد الأخرى.
لم يختلف حال أم محمد «٥٠ سنة»، عن حال سابقتها فقد توفي زوجها أيضاً قبل ١٧ عاماً تاركاً لها ٥ أطفال، وقتها ذهبت أم محمد إلي وزارة الشؤون الاجتماعية حتي يمكنها الحصول علي أي معاش يعينها علي تربية صغارها، لكنها فوجئت بالموظف المسؤول يطلب منها ٥ جنيهات رشوة نظير إنهاء إجراءات المعاش.تقول أم محمد ألم يكن معي وقتها جنيه واحد حتي أدفعه للموظف المرتشي لذلك قررت العودة إلي الجزيرة ونسيان أمر المعاش ومن وقتها لم يكن أمامي سوي العمل في الحقل وتربية المواشي والأغنام للإنفاق من عائدها علي أولادي، حتي استطاع أربعة منهم إنهاء تعليمهم وتبقي لي الأخير الذي يدرس بكلية التجارة حاليا.بدت الحيرة علي وجهها قبل أن تكمل كلامها بسؤال: أنتم «تصورا وتنشروا كلامنا ولاّ هتخافوا زي اللي جُم قبلكم»؟ بعدها أقسمت أن الجزيرة هي أعز مكان عليها لدرجة أنه عندما مات زوجها جاء أهلها من الجزيرة المجاورة وأرادوا أخذها وأطفالها معهم لكنها رفضت وتمسكت بالبقاء في الجزيرة.
حامد علي «٢١ عاماً»، هو أحد شباب الجزيرة اضطر إلي الخروج من المدرسة في المرحلة الإعدادية للعمل بالصيد مع والده حتي يساعده في تربية أشقائه.ما حدث في الجزيرة انعكس بدوره علي حامد، بأن تم منعه ومعظم الصيادين من العمل في المناطق المجاورة للمساحات التي تم أخذها من الأهالي، وهو ما دفعه للقول: نحن لا يوجد لنا مصدر دخل آخر وتساءل: «وهل إذا اشتغلت حرامي أو نصاب سيعجب الحكومة ذلك؟» ولم يجد الشاب سوي التأكيد علي أنه وغيره من أهل الجزيرة مصريون وليسوا يهودا حتي تتعامل الحكومة معهم بهذه الطريقة.ما حدث في جزيرة «القرصاية» نقل بدوره الخوف والهلع لأهالي جزيرة الذهب التي تبعد عنها بأقل من ٢٠٠ متر وتبلغ مساحتها نحو ٣٥٠ فدانا، منها ٢٠٠ فدان وضع يد بينما يبلغ عدد سكانها نحو ٢٠ ألف نسمة.
أهالي جزيرة الذهب أكدوا أنهم يسمعون عن نية الحكومة أكدوا إعطاء بعض الجزر للمستثمرين منذ ٦ شهور لكن ما حدث علي جزيرة القرصاية بالأمس القريب أكد مخاوفهم، وهو ما دفع عبدالمنعم محمد «٦٥ سنة» للقول: لا أملك أرضاً علي الجزيرة لكني أعمل بالأجر لأنفق علي أسرتي ولا أفهم كيف تأخذ الحكومة هذه الأرض ونعطيها للمستثمرين وأين سيذهب أكثر من 20 ألف شخص هم سكان الجزيرة؟!وأضاف: حتي لو أعطونا بيوتاً بدل بيوتنا فنحن لا نفهم سوي في الزراعة ولا نستطيع العمل بأي مهنة أخري، ولا ينقصنا علي الجزيرة سوي وجود مدرسة ومستشفي لخدمة أولادنا.نفس الشيء بالنسبة لعبادة يوسف «٦٠ سنة» والذي رفض الخروج من الجزيرة حتي لو أعطته الحكومة «فيلا» فهو يشعر بالراحة والسعادة وهو يعيش في تراب الجزيرة ـ علي حد وصفه.
أما حلاوتهم خليل «٤٥ سنة» فقالت: كنا نحلم بأن تقيم لنا الحكومة مدرسة ومستشفي لخدمة الأهالي، لكننا الآن نتمني من الله أن يبعد عنا الحكومة وأفكارها ومشاريعها بعد أن استكثرت علي أنا وابنتي العيش في أمان من إيراد قيراط الأرض الذي نملكه علي الجزيرة.أما سعيد يس «خراط خشب» فقال: الحكومة تريد تحويل الجزيرة إلي قرية سياحية في الوقت الذي لا نستطيع نحن العيش خارجها ولا يمكن لنا أن نتركها بأي حال من الأحوال


المقال نقلاً عن موقع:
مركز تضامن أهالي امبابه

2 comments:

ahmed mefrh said...

السلام عليكم
مأساه يا مصطفى بكل معنى الكلمه المشكل ان الموضوع الى الان لم يأخذ حقه المناسب اعلاميا العامل و الفلاح فى تلك البلد اصبح ليس له ادنى قيمه ولا قانون يحميه او سلطه تراعى ظروفه مع انهم هم عمد
االدوله و عمودها الفقرى و مأساه قرصايه هى مأساه الفلاح فى مصر
تحياتى اليك
ابو مفراح

مصطفى محمود said...

ابو مفراح/

ما يجب ان نلاحظة جميعا ان سياسة الحكومة بالهجوم على اراضى الفقراء اصبحت سياسة عامة فهذا المشهد تكرر كثيرا فى بشتيل والتى يجرى الان اعداد مشروع ازالتها وايضا بجوار جامع عمرو بن العاص هناك مناطق سكنية للفقراء سوف تزال لتحويل المنطقة الى مساحات خضراء !! ويجب ان نقف جميعا مع هؤلاء المضطهدين ونساندهم فى الدفاع عن اراضيهم .


تحياتى